في تصعيد جديد ضد جماعة الحوثيين في اليمن، أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها فرض عقوبات “شديدة” على السفن والشركات المتورطة في توريد الوقود المكرر إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين غرب اليمن، خاصةً تلك التي قامت بالتفريغ بعد تاريخ 4 أبريل 2025، في خطوة تشير إلى حزم واشنطن تجاه أي دعم يُقدَّم للجماعة المصنّفة على قوائم الإرهاب الأميركية.
وقالت السفارة الأميركية لدى اليمن في بيان رسمي، إن السفن التي تُفرغ منتجات نفطية مكررة في موانئ الحوثيين “قد تواجه عقوبات قاسية”، مشيرة إلى أن الطواقم البحرية لهذه السفن أيضًا “معرّضة لخطر الهجمات أو حتى الاحتجاز كرهائن”.
الولايات المتحدة: لا حماية حتى مع تفتيش الأمم المتحدة
اللافت في بيان السفارة هو التأكيد على أن تفتيش السفن من قِبل آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) في حد ذاته لا يعفيها من العقوبات، بل شددت على أن العقوبات الأميركية تشمل جميع الكيانات والأفراد الذين يقدّمون دعماً مادياً أو لوجستياً للحوثيين، دون استثناء.
وذكّرت السفارة بأن الآلية الأممية أُنشئت بطلب من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا لتسهيل دخول البضائع التجارية إلى مناطق سيطرة الحوثيين، إلا أن وظيفتها “لا تتعارض ولا تلغي الصلاحيات الأميركية في فرض العقوبات”، بحسب البيان.
عودة للتصنيف الإرهابي.. ووقف الترخيص المؤقت
جاء التحذير الأميركي بعد أسابيع قليلة من إعادة إدراج جماعة الحوثيين على قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)”، وهو ما أدى تلقائيًا إلى إلغاء الترخيص المؤقت الذي كان يسمح للسفن بتسليم منتجات نفطية إلى الموانئ اليمنية الخاضعة للجماعة، في محاولة لتسهيل وصول الإمدادات الإنسانية والتجارية خلال الأشهر الماضية.
هذا التطور يعني أن أي نشاط تجاري أو لوجستي يمر عبر موانئ تحت سيطرة الحوثيين يعتبر دعمًا غير قانوني، ويُعرّض الجهات المتعاملة للمساءلة القانونية.
رسائل تحذير إلى المجتمع البحري
من خلال هذه الرسائل العلنية، تسعى الإدارة الأميركية إلى إرسال إشارات قوية للمجتمع البحري والشركات المالكة للسفن بضرورة التوقف الفوري عن أي تعامل مع مناطق الحوثيين، خاصة في ظل تزايد التقارير عن تهديدات مباشرة قد تطال السفن والطواقم البحرية، سواء من الجماعة نفسها أو من قوى إقليمية تنشط في البحر الأحمر.
وأكد البيان أن خطر “الهجمات أو الاحتجاز كرهائن” حقيقي وليس نظريًا، خاصة بعد الحوادث الأخيرة في المياه الإقليمية اليمنية.
عقوبات ممتدة وشبكات تمويل متشعبة
التحذير الأخير يأتي ضمن سلسلة أوسع من الإجراءات التي تتخذها واشنطن منذ تصاعد الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، والتقارير التي كشفت عن استمرار تدفق موارد تمويل للجماعة من جهات خارجية، بما في ذلك شراء النفط الإيراني بطرق غير شرعية، حيث فرضت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرًا عقوبات على مصفاة نفط صينية بعد تأكيد تعاملها مع الحوثيين بمشتريات بلغت قيمتها نحو 500 مليون دولار.
يتجاوز القرار الأميركي كونه مجرد إجراء عقابي على تهريب الوقود، ليعكس ملامح صراع جيوسياسي أوسع، يشمل تقاطع المصالح الأميركية والإيرانية، ودور الحوثيين كذراع إقليمي في الصراع، فضلًا عن محاولات واشنطن إعادة رسم خطوط الاشتباك في البحر الأحمر.
ويعكس هذا التحرك أيضًا رغبة الإدارة الأميركية في إعادة ضبط قواعد الاشتباك في اليمن، مع التأكيد على دعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، وعدم السماح بأي دعم غير مباشر للجماعة المسلحة.
رسائل دولية وقرار ينتظر الامتثال
بين تهديدات العقوبات وخطر الاحتجاز على يد جماعة الحوثيين، يبدو أن الرسائل الأميركية موجهة بنفس القدر إلى ملاك السفن وشركات الشحن، وإلى القوى الدولية التي لا تزال تراهن على مسارات تفاوضية غير محسومة. وفي ظل استمرار التصعيد، يبقى الالتزام بهذه التحذيرات رهانًا صعبًا، لكنه مكلف لمن يتجاهله.