لليوم الثالث على التوالي، يشهد الشرق الأوسط واحدة من أكثر موجات التصعيد العسكري حدة بين إيران وإسرائيل. فقد استمر تبادل الضربات الجوية والصاروخية منذ فجر الأحد، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الهجمات المكثفة على منشآت عسكرية إيرانية. وفي المقابل، ردت طهران بمئات الصواريخ الباليستية التي طالت مناطق عدة داخل إسرائيل.
وأفادت خدمات الطوارئ الإسرائيلية بمقتل 10 أشخاص على الأقل، إثر استهداف مباشر لمبنى سكني في شمال البلاد، وهو ما دفع السلطات لتفعيل صفارات الإنذار في مختلف المناطق، ودعوة المواطنين للاحتماء بالملاجئ.
إيران: “سنتوقف عندما تتوقف إسرائيل”
في موقف واضح وصريح، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن إيران مستعدة لوقف الضربات فوراً إذا أوقفت إسرائيل عملياتها العسكرية ضد بلاده. وخلال لقائه بدبلوماسيين أجانب، أوضح عراقجي أن “ما نقوم به هو دفاع مشروع عن النفس”، متهماً إسرائيل ببدء العدوان، ومشدداً على أن الرد الإيراني كان “نتيجة لتجاوز الخطوط الحمراء”.
عراقجي انتقد أيضاً مجلس الأمن الدولي، معتبراً أن “صمته أمام العدوان الإسرائيلي يُفقده مصداقيته”، مضيفاً أن بعض الحكومات الغربية تهاجم طهران بدلًا من إدانة المعتدي.
إسرائيل تُطلق عملية “الأسد الصاعد” وتحذر الإيرانيين
في تصعيد غير مسبوق، نفذت إسرائيل ما سمته بـ”عملية الأسد الصاعد”، والتي شملت استهدافات مركزة لأكثر من 100 موقع في إيران، بينها منشآت لتخصيب اليورانيوم وقواعد عسكرية، باستخدام نحو 200 طائرة مقاتلة، ما أسفر عن مقتل قادة كبار بالحرس الثوري وعلماء في البرنامج النووي الإيراني.
وعلى إثر هذه الضربات، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيراً مباشراً إلى الإيرانيين بإخلاء جميع منشآت الأسلحة والمناطق المحيطة بها. وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، إن هذه الخطوة تأتي “حفاظاً على الأرواح”، مؤكدًا أن هذه المواقع أصبحت أهدافاً عسكرية مشروعة.
فشل المفاوضات النووية.. وسلطنة عمان خارج المعادلة مؤقتاً
في الوقت الذي كانت تستعد فيه سلطنة عمان لاستضافة جولة جديدة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، أطاح التصعيد العسكري الجاري بأي احتمال لنجاح المساعي الدبلوماسية. فقد تم تعليق المحادثات رسمياً، بعد إعلان إيران أن الوضع الميداني لم يعد يسمح بالمضي قدماً في التفاوض.
مخاوف دولية.. والأفق غامض
وسط هذا التصعيد الخطير، يتصاعد القلق الدولي من احتمال انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة لا يمكن احتواؤها بسهولة، خاصة في ظل التصريحات المتشددة من الطرفين، وغياب وساطة فعالة حتى الآن.
ويرى مراقبون أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد المسار: إما نحو تهدئة مشروطة، أو تصعيد مفتوح قد يغير ملامح الأمن الإقليمي لعقود.