حذرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة من أنّ اتفاق السلام المُجدد في جنوب السودان، والموقّع عام 2018، يواجه خطر الانهيار الكامل، بسبب تصاعد الهجمات العسكرية والانتهاكات السياسية التي تمارسها الحكومة، فضلاً عن تدخلات أجنبية تهدد سيادة الدولة وتغذي النزاع الداخلي.
وقالت رئيسة اللجنة، ياسمين سوكا، إنّ “العنف المتزايد يدفع اتفاق السلام إلى حافة الانهيار”، مشيرة إلى أن هذا الاتفاق هو آخر ما تبقى من استقرار نسبي في دولة تعاني من انقسامات عميقة وصراعات طويلة.
اتفاق هش على شفا الانهيار
أكدت اللجنة الأممية في بيانها أن الأوضاع الحالية في جنوب السودان، بما فيها الاعتداءات على المدنيين والتضييق على الحريات السياسية، تهدد بنسف الاتفاقية التي أنهت خمس سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة.
ودعت اللجنة الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” والاتحاد الأفريقي إلى التدخل السريع والضغط على الأطراف الموقعة للالتزام الكامل ببنود الاتفاق ووقف التصعيد العسكري.
قمع سياسي وتضييق على المعارضة
منذ مارس/آذار 2025، شنت قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان هجمات عسكرية مكثفة، من بينها ضربات جوية على مناطق سكنية، ما أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وتهجير آلاف الأسر.
في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في عدة مناطق تشهد مواجهات، وشرعت في حملة اعتقالات واسعة شملت شخصيات معارضة بارزة، أبرزهم رياك مشار، النائب الأول للرئيس، في خطوة أثارت استياءً واسعاً داخل المجتمع الدولي.
اتهامات بتدخل أجنبي وتجنيد جديد
أشارت تقارير للأمم المتحدة إلى دعم عسكري قدمته قوات أوغندية لحكومة جنوب السودان، ما يُعدّ خرقاً صريحاً لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية. كما أعلنت الحكومة عن تجنيد آلاف الجنود الجدد، في تحرك اعتبرته اللجنة الأممية “مؤشراً مقلقاً” قد يؤدي إلى اتساع رقعة النزاع وتعقيد جهود السلام.
أزمة إنسانية متفاقمة
على الصعيد الإنساني، حذرت الأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع في ولايات مثل أعالي النيل، التي تواجه انعداماً حاداً في الأمن الغذائي نتيجة النزاع العسكري المستمر.
وأشارت إلى أن المنطقة أصبحت ممراً رئيسياً للاجئين الهاربين من المعارك في السودان، مما يُنذر بحدوث أزمة إقليمية عابرة للحدود، إذا لم يتم احتواء الوضع سريعاً.
خطر يمتد إلى ما بعد حدود الدولة
مع تعثر تنفيذ اتفاق السلام واستمرار التصعيد العسكري، تبدو جنوب السودان على أعتاب دوامة جديدة من الحرب والعنف، تُهدد بتفكك الدولة وتوسيع الصراع إلى دول الجوار.
وحذرت اللجنة الأممية من أن “الوقت ينفد”، داعية المجتمع الدولي والدول الأفريقية إلى تحمل مسؤولياتهم ومنع تكرار مأساة إنسانية جديدة في واحدة من أكثر مناطق العالم هشاشةً.