أثار تقرير استخباراتي بريطاني نُشر اليوم الخميس، موجة قلق داخل الأوساط السياسية والأمنية، بعدما كشف عن تصاعد غير مسبوق في التهديدات الإيرانية التي تستهدف أراضي المملكة المتحدة ومواطنيها.
ودعت لجنة المخابرات والأمن في البرلمان البريطاني الحكومة إلى تبنّي سياسة أكثر صرامة تجاه طهران، بما في ذلك دراسة تصنيف «الحرس الثوري» كمنظمة إرهابية.
تقرير من 260 صفحة.. وإيران في دائرة الاتهام
التقرير، الذي نُشر بعد تحقيق استمر شهوراً، يغطي وقائع حتى أغسطس 2023، ويصف إيران بأنها تمثل «تهديداً غير متوقع وواسع النطاق»، مدعومة بأجهزة استخبارات قوية ومرنة. وأكد التقرير أن إيران لا تتردد في تنفيذ عمليات هجومية تشمل اغتيالات وتجنيد شبكات محلية.
اللورد بيميش، رئيس اللجنة، أشار إلى أن تركيز الحكومة المفرط على الملف النووي الإيراني جعلها تتغافل عن تهديدات أكثر إلحاحاً، بينها استهداف معارضين وأهداف يهودية داخل الأراضي البريطانية.
تصاعد التهديدات الجسدية منذ 2022
أكد التقرير أن بريطانيا شهدت منذ بداية عام 2022 ما لا يقل عن 15 محاولة اغتيال أو اختطاف استهدفت معارضين إيرانيين ومقيمين داخل البلاد، بالإضافة إلى تهديدات مباشرة لمصالح يهودية وإسرائيلية.
وذكرت اللجنة أن إيران لا تعتبر استهداف هذه الشخصيات بمثابة اعتداء على بريطانيا، بل تعتبره امتداداً لصراعها الداخلي، وهو ما يجعل من المملكة المتحدة «خسارة جانبية» في صراع طهران مع معارضيها.
هجمات سيبرانية وشبكات إجرامية
إلى جانب التهديدات الجسدية، حذّر التقرير من أنشطة سيبرانية متزايدة تنفذها طهران ضد أهداف بريطانية، واستخدامها وكلاء محليين من عصابات الجريمة المنظمة لتنفيذ المهام القذرة، بما في ذلك محاولات الطعن والاعتداء الجسدي.
وفي واحدة من أخطر الحوادث، طُعن صحافي يعمل لدى وسيلة إعلامية ناطقة بالفارسية في لندن، بينما مثل ثلاثة إيرانيين مؤخراً أمام القضاء بتهمة التعاون مع جهاز المخابرات الخارجية الإيراني.
مطالبات بتصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية
التقرير حثّ الحكومة البريطانية على مراجعة شاملة لسياساتها تجاه إيران، ودراسة جدوى تصنيف «الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب، وهي خطوة يطالب بها مشرّعون منذ سنوات.
ورغم أن رئيس الوزراء كير ستارمر اطلع على التقرير في مارس الماضي، فإن التحركات الحكومية لا تزال أقل من مستوى التهديد، بحسب اللجنة البرلمانية.
ردود فعل حذرة.. وصمت إيراني
حتى لحظة نشر التقرير، لم تصدر السفارة الإيرانية في لندن أي تعليق رسمي، بينما تكررت نفياتها السابقة لمثل هذه الاتهامات، معتبرة أنها «ادعاءات مغرضة من مسؤولين أمنيين غربيين».
لكن المراقبين يرون أن صمت طهران لا يقلق بقدر ما يقلق استمرار عملياتها على الأرض، وسط مطالب بريطانية بوضع حد لأنشطتها العدائية، داخل المملكة المتحدة وخارجها.
التقرير البريطاني يضع إيران تحت مجهر الأمن القومي ويُحذر من سياسة “إطفاء الحرائق” الحكومية.. فهل تتحرك لندن قبل أن تتفاقم الأمور أكثر؟.