قُتل أكثر من ثلاثين شخصًا، اليوم السبت، في تفجيرات هزّت مخيمًا للنازحين وسجنًا في مناطق متفرقة من جنوب وغرب البلاد، حسب ما أفادت به لجنة إغاثة محلية ومصدر طبي مطلع. وقد وُجّهت أصابع الاتهام إلى جماعات شبه عسكرية يُعتقد أنها مسؤولة عن الهجمات التي استهدفت مدنيين في مناطق يُفترض أنها كانت بمنأى عن التصعيد المباشر.
تأتي هذه التطورات المأساوية في سياق تصاعد الاشتباكات بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، وهو نائب البرهان السابق وشريك الانقلاب العسكري عام 2021. ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/نيسان 2023، غرقت البلاد في دوامة عنف متصاعدة، أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد الملايين، فضلًا عن انهيار شبه كامل للبنية التحتية والمؤسسات الحكومية.
في تطور ميداني لافت، شنت قوات الجيش غارات جوية استهدفت مخازن أسلحة ومعدات عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع في مدينتي نيالا والجنينة بإقليم دارفور، وفق ما أكده مصدر عسكري سوداني. وتهدف هذه الضربات إلى إضعاف سيطرة الميليشيا على الإقليم المضطرب، والذي يشهد تصاعدًا لافتًا في أعمال العنف بين المجموعات المسلحة، وسط غياب شبه كامل لأي سلطة مركزية فاعلة.
يُذكر أن قوات الدعم السريع، وبعد خسارتها لمعظم المواقع في العاصمة الخرطوم أواخر مارس/آذار الماضي، بدأت باتباع استراتيجية هجومية تقوم على توسيع رقعة المعارك نحو مناطق جديدة. حيث كثّفت في الأسابيع الأخيرة من وتيرة هجماتها في بورتسودان الساحلية، التي تمثل حالياً المقر المؤقت للحكومة، فضلًا عن مناطق واسعة في كردفان والجنينة وأم دافوق على الحدود مع إفريقيا الوسطى.
التفجيرات الأخيرة لم تميز بين المدنيين والمواقع الأمنية، ما يعكس حالة من الفوضى المسلحة واللاإنسانية التي باتت تميز سلوك الأطراف المتصارعة، ولا سيما الجماعات شبه العسكرية التي تتهمها منظمات حقوقية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التصفية العرقية في دارفور والانتهاكات الممنهجة ضد المدنيين.
في ظل غياب أي أفق واضح لتسوية سياسية أو وقف إطلاق نار دائم، تتجه البلاد نحو كارثة إنسانية شاملة. إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 8 ملايين سوداني باتوا نازحين داخليًا، فيما يواجه نصف السكان تقريبًا خطر المجاعة، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم اليوم.
التقارير الواردة من مناطق النزاع، خصوصًا من داخل المخيمات التي تتعرض لقصف مستمر، تؤكد أن الكلفة البشرية لهذه الحرب تتجاوز حدود المعارك العسكرية، لتطال حياة أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم عالقون في صراع على السلطة يدور فوق رؤوسهم.
ومع استمرار تجاهل المجتمع الدولي لمعاناة الشعب السوداني، تبقى أصوات الناجين والمكلومين بلا صدى، بينما تتسابق القوى المتصارعة نحو السيطرة على المزيد من الأراضي، ولو على أنقاض وطن يحتضر.