تشهد منطقة غرب مالي، وخاصة إقليم كايس، تصاعدًا ملحوظًا في أنشطة جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” (جنيم)، المرتبطة بتنظيم القاعدة. هذا التصاعد لا يقتصر على الأراضي المالية فحسب، بل يمتد تأثيره إلى الدول المجاورة، مما يثير مخاوف جدية بشأن استقرار وأمن المنطقة بأسرها.
تصاعد الهجمات في إقليم كايس
وفقًا لتقرير صادر عن معهد تمبكتو، شهدت منطقة كايس زيادة كبيرة في الهجمات التي تشنها جماعة “جنيم”، حيث ارتفع عدد هذه الهجمات سبعة أضعاف بين عامي 2021 و2024. تستهدف هذه الهجمات بشكل رئيسي قوات الأمن المالية، كما حدث في ميلجي في فبراير/شباط، حيث قُتل ثلاثة جنود ماليين وجُرح ثلاثة آخرون.
تهديدات متزايدة للدول المجاورة:
لم تعد أنشطة “جنيم” محصورة داخل مالي، بل بدأت تؤثر بشكل مباشر على الدول المجاورة، خاصة موريتانيا والسنغال. يشير التقرير إلى أن الجماعة تسعى لعزل العاصمة باماكو عن طريق إمدادها الرئيسي، مما قد يؤدي إلى تشتيت جهود قوات الأمن ومحاصرة العاصمة. كما تم رصد انتشار الدعوة وجمع الضرائب من قبل الجهاديين في هذا الجزء من الإقليم، وهي ممارسات أصبحت منتشرة على نطاق واسع بالفعل في وسط مالي.
أحد الجوانب المثيرة للقلق هو تسلل “جنيم” إلى بعض الأنشطة الاقتصادية في موريتانيا والسنغال. يشير التقرير إلى أن الجماعة بدأت في فرض الضرائب على بعض الأنشطة التجارية، مما يدل على محاولة لبسط نفوذها الاقتصادي في هذه الدول.
ردود الفعل الإقليمية والدولية:
أثار تصاعد أنشطة “جنيم” قلقًا إقليميًا ودوليًا. تسعى الدول المجاورة لمالي إلى تعزيز تعاونها الأمني لمواجهة هذا التهديد المتزايد. كما دعت بعض الدول الغربية إلى تقديم دعم أكبر للجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.
ويخشى مراقبون أن يتحوّل غرب مالي إلى نسخة مكررة من المأساة الأمنية التي عاشتها منطقة الساحل الأوسط، مع صعود الحركات الجهادية في مناطق الفراغ الحكومي، وافتقار السكان إلى الخدمات الأساسية، مما يجعلهم عرضة للتجنيد أو المساومة.
كما يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة تبدو حرجة للغاية، خصوصًا إذا قررت الجماعة نقل المعركة فعليًا إلى أراضي الدول المجاورة، أو استخدام نفوذها المتنامي للضغط على الحكومات الإقليمية، ما يضع منطقة غرب أفريقيا أمام اختبار أمني كبير، قد يتطلب إعادة النظر في استراتيجيات المواجهة التقليدية التي أثبتت فشلها في وقف تمدد الجماعات المسلحة.