تتواصل التوترات في الجنوب اللبناني بين قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) وأهالي عدد من البلدات الجنوبية، على خلفية مهام القوات الدولية في المنطقة.
فقد شهدت بلدة ياطِر في قضاء بنت جبيل اليوم الأربعاء إشكالاً بين دورية مؤللة من اليونيفيل وعدد من الأهالي، بعد دخول الدورية أحد الأحياء السكنية، ما استدعى تدخل الجيش اللبناني لاحتواء الموقف، وسط تقارير متضاربة حول إشهار سلاح بوجه الجنود الدوليين.
لم تكد الأوضاع تهدأ في ياطر، حتى وقع إشكال آخر في بلدة فرون المجاورة بسبب دخول دورية أخرى من اليونيفيل دون مرافقة الجيش، ما أثار استياء السكان ودفع بعضهم لاعتراضها.
اليونيفيل ترفض المساس بأنشطتها: “نعمل بتكليف من مجلس الأمن”
المتحدث باسم اليونيفيل، أندريا تيننتي، شدد في بيان على أن “أي تدخل في أنشطة جنود حفظ السلام غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان بموجب القرار 1701″، مؤكداً أن القوات تعمل بتنسيق كامل مع الجيش اللبناني، وبطلب رسمي من الحكومة.
تيننتي أوضح أن الدورية التي تعرضت للاعتراض في ياطر كانت جزءًا من مهمة مخطط لها مسبقًا، وأن الجنود تمكنوا من مواصلة طريقهم بعد نحو 30 دقيقة، نافياً أن يكون تم تهديدهم بالسلاح.
الجنوب على صفيح ساخن.. ماذا بعد اتفاق نوفمبر؟
الاحتكاكات الأخيرة تأتي بعد أشهر من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر 2024 بوساطة أميركية، والذي قضى بانسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني وتسليم سلاحه، مقابل انتشار الجيش اللبناني وتكليف اليونيفيل بمراقبة تنفيذ الاتفاق.
غير أن الوقائع الميدانية تشير إلى صعوبة تطبيق بنود الاتفاق بالكامل، في ظل استمرار وجود مسلحين ومواقع تابعة لحزب الله في مناطق جنوبية، فضلاً عن التوتر المزمن مع إسرائيل على طول “الخط الأزرق”.
لقاء نادر بين نصرالله وجوزيف عون.. رسائل تهدئة أم إعادة تموضع؟
بالتزامن مع التوترات، كشفت مصادر مطلعة عن لقاء غير معلن جمع بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون. ورغم غياب التفاصيل الرسمية، إلا أن اللقاء يُقرأ على أنه محاولة لتنسيق المواقف، وسط تصاعد الضغوط الدولية على لبنان لضبط الحدود الجنوبية ومنع الانزلاق نحو مواجهة مع إسرائيل.
اللقاء أثار تساؤلات حول ما إذا كان يشير إلى تسوية مرتقبة، أو تفاهم ضمني جديد حول توزيع الأدوار في الجنوب، خاصة بعد تزايد الاحتكاكات مع اليونيفيل ورفض الحزب علنًا لبعض تحركاتها.
الحل في “موازنة حساسة” بين السيادة والتزامات القرار 1701
يرى خبراء في الشأن اللبناني أن معالجة الوضع في الجنوب تتطلب “موازنة دقيقة” بين احترام سيادة لبنان ومشاعر الأهالي، وبين الالتزام بموجبات القرار 1701 والتعاون مع المجتمع الدولي.
يقول المحلل السياسي وسام نادر إن “رفض بعض الأهالي لوجود اليونيفيل يعكس فقدان الثقة، خاصة إذا رُبطت تحركات القوات الدولية برغبة في تفكيك ما تبقى من نفوذ حزب الله في الجنوب”، مشيراً إلى أن “أي تصعيد ضد اليونيفيل قد يؤدي إلى تقليص الدعم الدولي للبنان”.
أما الخبير الأمني إلياس حنا فيعتبر أن “التنسيق الثلاثي بين الجيش، اليونيفيل، وحزب الله – ولو ضمنيًا – هو الضامن الوحيد لاستقرار الجنوب، إلى حين الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تضع سلاح الحزب ضمن استراتيجية دفاعية وطنية واضحة”.