في خطاب ناري تزامن مع ذكرى عاشوراء، جدد نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم، تمسك الحزب بسلاحه وموقعه “المقاوم”، رافضاً الضغوط الإسرائيلية والأميركية الرامية إلى تجريده من سلاحه، أو دفعه إلى تغيير مواقفه الاستراتيجية.
وأكد قاسم أن ما يُمارَس من تهديدات لن يؤدي إلا إلى مزيد من التمسك بخيار المقاومة، مشدداً على أن “بقاء إسرائيل هو الأزمة الحقيقية”.
«لن نستسلم»… حزب الله يرفض المعادلات الدولية
قال قاسم في كلمته المتلفزة: “هذا التهديد لا يجعلنا نقبل بالاستسلام… لا يُقال لنا اتركوا السلاح، بل يُقال للعدوان: توقف”، وأضاف أن المقاومة باقية ولن تكون يوماً “جزءاً من شرعنة الاحتلال”، مؤكداً أن الحزب سيواصل حمل السلاح “حتى لو تعقّدت الظروف”. وتابع: “نحن حفظة الأمانة، وسنواجه بكل ما أوتينا من قوة”.
وفي رسالة مباشرة إلى واشنطن وتل أبيب، شدد قاسم:” لا تعنينا معادلة أميركا وإسرائيل التي تهدد بالقتل أو الاستسلام… نحن قوم لا نخضع، ومستعدون للاستشهاد والانتصار”.
الملف الحدودي و«القرار 1701»: موقف مشروط بالسيادة
تطرّق قاسم إلى الملف الحدودي و«القرار 1701»، الذي ينص على وقف الأعمال القتالية في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن الحزب منفتح على تنفيذ القرار، ولكن وفق مراحل، متابعا:” نحن مع الانتهاء من المرحلة الأولى وتطبيق الاتفاق، بعدها نكون حاضرين لتطبيق القرار… لدينا من المرونة ما يسمح بالتوافق”.
التصريحات جاءت في وقت يستعد فيه الموفد الأميركي توماس برّاك للوصول إلى بيروت، حاملاً معه ما وصفه بـ«فرصة سانحة» لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، وهو ما أثار سجالاً داخلياً، خصوصاً مع استمرار «حزب الله» في رفض أي خطوة تمس سلاحه أو وجوده العسكري.
بري: «لا اتفاق حتى الآن»… و«الموقف يجب أن يكون موحداً»
من جهته، كشف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن المساعي لا تزال جارية للتوصل إلى موقف موحد من الرد على الورقة الأميركية، مشيراً إلى أن موقف حزب الله «يجب أن يُؤخذ في الحسبان»، وأضاف: “حتى الآن لا يوجد رد نهائي من الحزب، لكننا نعمل لتوحيد الموقف بين الرؤساء الثلاثة”.
التباين في المواقف يعكس صعوبة المهمة الأميركية، خصوصاً أن حزب الله لا يُبدي أي استعداد لتقديم تنازلات تتعلق بموقعه العسكري أو السياسي.
خطاب المقاومة أم ورقة تفاوض؟
تأتي تصريحات قاسم في ظل تصاعد التوتر جنوب لبنان، وتكثيف الضربات الإسرائيلية على مناطق جبل الريحان ومحيطها، وسط مخاوف من تحول التصعيد إلى مواجهة شاملة. وبينما ترى أطراف داخلية وخارجية أن خطاب «حزب الله» جزء من ورقة تفاوضية لتحسين شروط الحوار، يتمسك الحزب بخطاب «الثبات» والمواجهة.
يرى مراقبون أن تصريحات قاسم تؤكد تمسك الحزب بثلاثية المقاومة والردع، في وجه ما يصفه بـ”الهيمنة الأميركية – الإسرائيلية”، وأنه لا يزال يعتبر السلاح ضمانة استراتيجية لمعادلة توازن القوى.
لكن في المقابل، لا يمكن تجاهل أن الخطاب نفسه يتضمن مؤشرات على مرونة مشروطة، عبر الإشارة إلى قبول تنفيذ بعض البنود «بالتوازي مع إنهاء الاعتداءات»، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات تفاوض غير معلنة.
لا تنازل عن السلاح.. والميدان هو الحكم
في مواجهة ضغوط دولية وإقليمية، يرسل حزب الله رسالة واضحة: السلاح خط أحمر، والمقاومة باقية. وبين من يرى في الخطاب تعنتاً، ومن يعتبره تمسكاً “بالثوابت”، يبقى مستقبل لبنان معلقاً بين صوت البنادق ومبادرات الوسطاء.