جدّدت دمشق، أمس الأربعاء، رفضها القاطع لأي شكل من أشكال الفدرالية، مؤكدة تمسكها بمبدأ “سوريا الموحدة” وداعية القوات الكردية للانضمام إلى صفوف الجيش السوري.
جاء ذلك خلال اجتماع ثلاثي عقده الرئيس أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس برّاك، في القصر الرئاسي بالعاصمة.
مستقبل العلاقة بين الحكومة السورية والأكراد
وبحسب مصادر كردية ورسمية، ناقش الاجتماع مستقبل العلاقة بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية الكردية، في ظل تعثر تنفيذ الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الماضي، والذي ينص على دمج مؤسسات الإدارة الذاتية، المدنية والعسكرية، ضمن هيكل الدولة السورية، بما يشمل المعابر، وحقول النفط، والمطارات.
أكد مصدر حكومي في تصريحات للتلفزيون الرسمي، أن الدولة السورية “ترفض بشكل قاطع الفدرالية أو أي محاولة لتقسيم البلاد”، مضيفاً أن الجيش السوري “هو المؤسسة الوطنية الجامعة لكل السوريين”، مرحباً بانضمام مقاتلي “قسد” ضمن الأطر الدستورية والقانونية.
وحذّر المصدر من أن “التأخير في تنفيذ الاتفاقات الموقعة لا يخدم المصلحة الوطنية”، مشدداً على أن ذلك “يعقّد المشهد السياسي والعسكري، ويُعيق جهود إعادة الاستقرار إلى جميع المناطق السورية”.
الرد الكردي على الحكومة
لكن على الجانب الكردي، ورغم تأكيد مظلوم عبدي في تصريحات سابقة التزامه بالاتفاق، أشار إلى أن التنفيذ يجب أن يتم على أساس “سوريا لا مركزية تضمن حقوق جميع المكوّنات”، منتقداً “تفرّد السلطة بالقرار وتهميش القوى الكردية”.
وكان عبدي قد شدد، في مقابلة نهاية مايو (أيار)، على رفض أي محاولة لإقصاء الأكراد من الإدارة الانتقالية، متمسكاً بوجود قوة عسكرية منظمة أثبتت فاعليتها في قتال تنظيم داعش.
ورغم إعلان الرئيس الشرع، بعيد توليه الحكم أواخر 2024، عن حلّ كافة الفصائل المسلحة، فإن “قسد” المدعومة أميركياً ما زالت تحتفظ بآلاف المقاتلين في شمال وشرق البلاد، حيث تدير مناطق غنية بالنفط والغاز، إضافة إلى مخيمات ومراكز احتجاز لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية، بينهم آلاف الأجانب.
المماطلة في تنفيذ الاتفاق قد تطيل أمد الفوضى
من جهته، حذّر وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، من أن “المماطلة في تنفيذ الاتفاق قد تطيل أمد الفوضى”، في إشارة إلى ما تعتبره دمشق عراقيل يضعها الأكراد أمام الاندماج الكامل في الدولة.
ويقف المشهد السوري أمام مفترق طرق حاسم: بين مركزية ترفض أي انشقاق، وطموحات كردية لإدارة ذاتية لا مركزية. وبين التصعيد السياسي والتعثر في تنفيذ التفاهمات، تبقى وحدة سوريا وأمنها في ميزان التحديات، بانتظار تسويات قد ترسم ملامح المرحلة المقبلة.