تتسع رقعة حرائق الغابات في محافظة اللاذقية على الساحل السوري، لليوم الرابع على التوالي، وسط ظروف مناخية قاسية ورياح قوية تزيد من صعوبة السيطرة على ألسنة اللهب.
وأظهرت الصور القادمة من منطقة قسطل معاف حجم الكارثة البيئية والإنسانية، حيث تصاعدت أعمدة الدخان الكثيف في سماء ريف اللاذقية الشمالي، فيما يواصل رجال الإطفاء معركتهم الصعبة لإخماد الحرائق التي أتت على مساحات واسعة من الغطاء الحراجي.
مساعدات إقليمية: تركيا والأردن يدخلان خط المواجهة
استجابة لحجم الكارثة، بدأت فرق الدفاع المدني الأردني المشاركة رسميًا في عمليات الإطفاء، حيث وصلت إلى الأراضي السورية صباح الأحد، لمساندة نظرائهم السوريين على الأرض.
كما دفعت تركيا بـ طائرتين مروحيتين و11 آلية دعم ميداني، ضمن حزمة مساعدات طارئة لإسناد الجهود السورية في مواجهة الحرائق المتسارعة.
وذكرت وزارة الطوارئ السورية أن “المساعدات التركية والأردنية تمثل دعماً حيوياً في ظل النقص الحاد بالمعدات وصعوبة التضاريس، إضافة إلى مخلفات الحرب التي تعرقل وصول الفرق إلى بعض المناطق المنكوبة”.
غرفة عمليات مشتركة وفرق تطوعية لمواجهة الكارثة
في خطوة لتنسيق الجهود وتوجيه الموارد، أعلنت الحكومة السورية عن تشكيل غرفة عمليات ميدانية مشتركة بالتعاون مع عدد من المنظمات المحلية الفاعلة، لتوفير دعم لوجستي مباشر، وتأمين صهاريج مياه، وآليات ثقيلة لفتح خطوط النار، إضافة إلى تنظيم فرق تطوعية مدربة على مكافحة الحرائق.
وقال وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، رائد الصالح، إن الغرفة باشرت أعمالها على الفور، مؤكدًا أن “كل دقيقة تمرّ تساوي هكتاراً من الغابات… ونحن في سباق مع الزمن.”
62 فرقة إطفاء في الميدان.. والرياح تعقّد المهمة
تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من 62 فرقة إطفاء تابعة للدفاع المدني السوري تشارك حاليًا في عمليات الإخماد، باستخدام معدات تقليدية وحديثة، وسط ظروف مناخية صعبة أبرزها شدة الرياح والجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما ساهم في سرعة انتشار النيران وتوسّع بؤر الاشتعال.
وحذر مسؤولون ميدانيون من وجود مخلفات حرب غير منفجرة في عدد من مناطق ريف اللاذقية، مما يهدد سلامة فرق الإطفاء ويقيّد تحركاتهم في بعض المسارات.
كارثة بيئية تهدد التنوع الحيوي في الساحل
يمثل الساحل السوري واحداً من أهم الأقاليم البيئية الغنية بالغابات الطبيعية، وتعرضه لمثل هذا الحريق واسع النطاق يهدد بفقدان تنوع بيولوجي ثمين، يشمل أنواعاً نادرة من الأشجار والحيوانات.
ويرى خبراء البيئة أن “الحرائق لم تعد مجرد حوادث موسمية، بل باتت مظهراً متكرراً نتيجة التغير المناخي وضعف الإجراءات الوقائية، ما يستدعي وضع خطة شاملة لإدارة المخاطر البيئية.”
رسائل تضامن وتحذير من اتساع رقعة النيران
مع ازدياد حدة الحرائق، انهالت رسائل التضامن من جهات رسمية وشعبية في الدول المجاورة، بينما حذر الدفاع المدني السوري من اتساع رقعة النيران ما لم يتم تعزيز الدعم الجوي والبري بشكل عاجل.
وفيما تتواصل الجهود لاحتواء النيران، تبقى الأنظار شاخصة نحو السماء، علّ تغيراً في الطقس يُسهم في وقف هذا اللهيب المفتوح الذي يلتهم غابات الساحل ويهدد حياة السكان والمجتمعات الزراعية في محيط المناطق المنكوبة.