يواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ضغوطأ هائلة من جانب المعارضة الإسرائيلية والرأي العام في تل أبيب، خصوصًا من قِبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، بعد صدور قرار من حماس بالإفراج عن الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر.
هذا القرار، بدلًا من أن يُنظر إليه كنجاح، فُسّر من شريحة واسعة من الإسرائيليين على أنه دليل على فشل الحكومة في التعامل مع ملف الأسرى ككل، واعتمادها سياسة انتقائية تُفاضل بين الرهائن على أساس الجنسية، وهو ما فجّر غضبًا مكتومًا ظل يتراكم منذ شهور الحرب.
صفعة مباشرة لنتنياهو
عائلات المحتجزين عبّرت بوضوح عن هذا الشعور، مؤكدة أن “الحرب لن تعيد الأسرى”، ومطالبة الحكومة بما سمّته “الفعل التاريخي الصحيح”، أي التوصل إلى صفقة تبادل شاملة توقف معاناتهم. في هذا السياق، بدا أن الإفراج عن ألكسندر وُظّف – ربما دون قصد – لتسليط الضوء على فشل حكومة نتنياهو في تحقيق تقدم حقيقي في ملف الرهائن، رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على اندلاع الحرب في غزة.
الرسائل التي خرجت من عائلات الأسرى كانت قاسية وغير مسبوقة، لأنها لم تكتفِ بانتقاد الأداء، بل شككت ضمنيًا في أولويات الحكومة، وفي عدالة تعاملها مع الرهائن، حيث أشار أحد أفراد العائلات إلى أن “الجنود ذوي الجنسية الأجنبية أكثر قيمة من جنودها المصابين”. هذا التصريح، من الناحية السياسية، هو بمثابة صفعة مباشرة لنتنياهو، كونه يضرب في صميم شرعية الحكومة واستحقاقها لتمثيل جميع الإسرائيليين على قدم المساواة.
فشل سياسي فادح
المعارضة الإسرائيلية، بدورها، لم تفوّت الفرصة، إذ اعتبر يائير لبيد، زعيم المعارضة، أن الصفقة تمثل “فشلًا سياسيًا فادحًا”، بل وألمح إلى أن هذه الحادثة يجب أن تكون نقطة انطلاق نحو صفقة شاملة تعيد جميع المختطفين، وهي دعوة تحمل ضغطًا مزدوجًا: أخلاقيًا على الحكومة، وسياسيًا على شخص نتنياهو تحديدًا، الذي بات يُنظر إليه كعاجز عن تحقيق “اختراق” يُنهي هذه الأزمة الإنسانية والسياسية المتفاقمة.
الضرر السياسي على نتنياهو من هذه الصفقة لا ينبع فقط من مضمونها، بل من توقيتها ورسائلها الضمنية. فهي أتت في لحظة حساسة، يواجه فيها انتقادات داخلية متزايدة حول استمرار الحرب في غزة دون رؤية استراتيجية واضحة، كما تزامنت مع توتر في العلاقات مع واشنطن، التي بدورها لعبت دورًا محوريًا في التوصل لهذه الصفقة. وبالتالي، فإن هذه الخطوة عرّت حالة الجمود في القرار الإسرائيلي، وأظهرت كيف أن التقدم الحقيقي جاء بضغط خارجي، لا بمبادرة ذاتية.
مشاعر الغضب
وبينما يسعى حلفاء نتنياهو لتبرير الصفقة والقول إن الحرب ستستمر بغض النظر عنها، يتضح أن جزءًا كبيرًا من الجمهور الإسرائيلي بات يشكك في هذه السردية، ويرى في الإفراج عن ألكسندر إقرارًا ضمنيًا بأن الحل السياسي أكثر فعالية من الحل العسكري، خصوصًا حين يتعلق الأمر بملف الأسرى.
في المحصلة، الصفقة وضعت نتنياهو في زاوية حرجة: فهو لم يظهر كزعيم “أعاد أسيرًا”، بل كقائد فقد بوصلته الأخلاقية والسياسية، وسمح للضغوط الأميركية بأن تملي عليه قرارًا أحاديًا، فجّر مشاعر الغضب داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه. هذه ليست صفقة عادية، بل مرآة لخلل أعمق في إدارة الأزمة، والمرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا سياسيًا داخليًا إذا استمرت الحكومة في تجاهل مطالب الشارع وعائلات الأسرى.