كشفت صور التقطتها أقمار اصطناعية حجم الأضرار التي لحقت بعدد من المواقع العسكرية والنووية الحساسة داخل إيران، نتيجة الهجمات الجوية الإسرائيلية الأخيرة ضمن عملية أطلق عليها اسم «الأسد الصاعد».
وأظهرت الصور، التي حللتها وكالة «أسوشييتد برس» ومختبرات «بلانيت لابس» و«ماكسار تكنولوجيز»، آثار دمار لافت في قواعد الصواريخ الباليستية في كرمنشاه وتبريز، إضافة إلى منشآت تخصيب اليورانيوم في نطنز وأصفهان وفوردو.
كرمنشاه وتبريز: قواعد صواريخ تحت النار
الصور الملتقطة يوم الجمعة كشفت عن تضرر قاعدتين رئيسيتين للصواريخ، الأولى في كرمنشاه على سفح جبل حيث ظهرت آثار حرائق في مساحة شاسعة، والثانية في تبريز، حيث لحقت أضرار بمواقع متعددة ضمن القاعدة.
القاعدتان تُعدان من أهم مواقع تخزين وإطلاق الصواريخ الباليستية التابعة للحرس الثوري، وتشير تقديرات الخبراء إلى أن استهدافهما شكّل ضربة مباشرة لقدرات إيران على الردع السريع.
منشأة نطنز.. «ضربة في القلب النووي»
في نطنز، التي تُعد القلب النابض لبرنامج إيران النووي، وثقت الأقمار الاصطناعية تدمير عدد من المباني فوق سطح الأرض، وتشير الصور إلى أن بعض هذه المباني مسؤول عن إمداد المنشأة بالطاقة، ما يهدد فعالية التشغيل.
ورغم أن قاعات التخصيب تحت الأرض لم يظهر عليها دمار مباشر، فإن الضربة تمثل تهديدًا استراتيجيًا لقدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، وهي النسبة التي تسبق مباشرة مستوى تصنيع القنبلة النووية.
أصفهان وفوردو: منشآت تترنح تحت القصف
الضربات الإسرائيلية طالت أيضًا منشأة أصفهان النووية، حيث أظهرت صور «ماكسار» أضراراً في أربعة مبانٍ رئيسية. ورغم طمأنة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه لا مؤشرات لارتفاع إشعاعي خارج الموقع، فإن الخسائر في البنية التحتية واضحة.
أما في فوردو، فقد اعترف المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، بوقوع أضرار “محدودة”، في اعتراف نادر من طهران، التي تتجنب عادة تأكيد خسائرها.
طهران وبيرانشهر.. القصف يصل العاصمة والشمال الغربي
الهجوم شمل أيضاً منشآت في بيرانشهر، شمال غربي البلاد، حيث رصدت الصور فرقاً واضحاً بين الحالة السابقة واللاحقة للضربات، وظهرت آثار دمار على المباني والمرافق العسكرية.
كما تم استهداف موقع غدير التابع للحرس الثوري قرب طهران، حيث أظهرت صور «ماكسار» دماراً واضحاً رغم التضييق الإعلامي على تغطية الخسائر.
إسرائيل تحذر المدنيين: «أخلوا منشآت الأسلحة فوراً»
في تصعيد لافت، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً مباشراً عبر منصة «إكس» دعا فيه العاملين في منشآت الأسلحة الإيرانية إلى مغادرتها فوراً حفاظاً على حياتهم، محذراً من ضربات جديدة محتملة.
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، نشر التحذير باللغتين العربية والفارسية، مؤكداً أن «كل منشآت الأسلحة والمنشآت الداعمة لها في إيران باتت ضمن قائمة الأهداف».
عملية «الأسد الصاعد»: 200 طائرة ومائة هدف
بحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن الهجوم جاء ضمن عملية «الأسد الصاعد»، وشارك فيه نحو 200 طائرة مقاتلة، واستُهدِفَ خلاله أكثر من 100 موقع حيوي مرتبط بالبرنامجين النووي والعسكري الإيراني.
أسفرت الضربات عن مقتل عدد من القادة العسكريين في الحرس الثوري، إضافة إلى علماء متخصصين في البرنامج النووي، وفقاً للتقارير الإسرائيلية، فيما لا تزال إيران تتكتم على تفاصيل الخسائر البشرية.
إيران ترد وتهدد: «لا خطوط حمراء بعد الآن»
في المقابل، واصلت إيران الرد لليوم الثالث على التوالي، عبر إطلاق مئات الصواريخ الباليستية تجاه الأراضي الإسرائيلية، مؤكدة أن الرد «لن يكون محدوداً» وأن «كل الخطوط الحمراء تم تجاوزها».
وتوعدت القوات المسلحة الإيرانية بمزيد من الضربات على المواقع الإسرائيلية، مؤكدة أن المعركة لم تنته بعد، في ظل تصاعد المواجهة العسكرية على أكثر من جبهة.
مواجهة مفتوحة وتخوفات نووية
مع الكشف اليومي عن صور جديدة توثق حجم الدمار في المنشآت الإيرانية، تتزايد المخاوف الدولية من انزلاق الوضع نحو مواجهة شاملة، خاصة مع اقتراب الضربات من منشآت حساسة ترتبط بالقدرات النووية لطهران.
وفي ظل تصعيد متبادل بين الطرفين، باتت المنطقة على شفا مواجهة موسعة، وسط تحركات دبلوماسية مكثفة تسعى لاحتواء الأزمة التي باتت تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي على حد سواء.