في تطور لافت على صعيد الجهود الرامية لإنهاء حرب غزة، كشفت هيئة البث العبرية أن قطر قدمت إلى إسرائيل مقترحًا جديدًا لتبادل الأسرى، يتضمن وقفًا لإطلاق النار لمدة ستين يومًا، وهو ما يعكس محاولات متجددة لفتح نافذة تفاوضية قد تقود إلى تهدئة شاملة، بعد أسابيع من الجمود.
وبحسب ما نقلته الهيئة عن مصادر دبلوماسية، فإن الخطة المقترحة تقضي بالإفراج عن ثمانية إسرائيليين أحياء في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، على أن يُطلق سراح اثنين آخرين في اليوم الخمسين، بالإضافة إلى تسليم جثث 18 أسيرًا إسرائيليًا على ثلاث دفعات لم تُحدّد مواعيدها بعد.
ورغم غياب إعلان رسمي من الدوحة حتى مساء الثلاثاء، فإن المعلومات المتداولة تشير إلى أن الاقتراح الجديد يحظى بدراسة جدية داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، حيث من المرتقب أن يعقد المجلس الوزاري المصغر (الكابنيت) اجتماعًا كاملًا السبت المقبل، عشية سفر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن.
وأشارت القناة 12 العبرية إلى تغير لافت في أولويات نتنياهو، حيث بدا لأول مرة ميّالًا إلى إنجاز صفقة تبادل مع حركة حماس، في وقت تتزايد فيه الضغوط المحلية والدولية عليه، وسط تآكل الثقة بقدرته على إنهاء الحرب دون خسائر سياسية فادحة.
وتقدّر تل أبيب وجود نحو 50 أسيرًا لديها في قطاع غزة، بينهم 20 على قيد الحياة، مقابل أكثر من 10 آلاف و400 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، يعانون ظروفًا إنسانية قاسية وُثّقت في تقارير محلية ودولية، تتحدث عن تعذيب وإهمال طبي أدى إلى وفاة عدد منهم.
ورغم أن الهيئة لم تفصح عن تفاصيل إضافية تتعلق بمسودة الصفقة، فإن مضمونها لا يختلف كثيرًا عن مقترحات سبق أن طرحتها واشنطن عبر مبعوثها للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وفي هذا السياق، نقلت الهيئة عن مصادر مطلعة على المفاوضات أن احتمالات التوصل إلى اتفاق تظل قائمة، لكن العقبات الجوهرية ما زالت حاضرة، وعلى رأسها شروط إنهاء الحرب ومدى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
وتشهد المفاوضات حالة من الجمود منذ أسابيع، في ظل إصرار كل طرف على شروطه القصوى. فحماس أعلنت استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل وقف الحرب وسحب القوات الإسرائيلية من غزة، والإفراج عن معتقليها. لكن نتنياهو – كما ترى المعارضة – يتلكأ في الاستجابة، ويواصل الحرب تحت ضغط الجناح اليميني المتشدد في حكومته، حفاظًا على استمراره السياسي.
في موازاة ذلك، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متفائلًا بشكل لافت، إذ صرّح للصحفيين بأنه يتوقع وقفًا لإطلاق النار في غزة خلال الأسبوع المقبل، تزامنًا مع زيارة نتنياهو المرتقبة لواشنطن. وأضاف ترامب أنه يعتزم الحديث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حول “النجاحات التي تحققت في إيران”، في إشارة إلى الضربات المتبادلة التي جرت مؤخرًا بين الطرفين، مؤكدًا أنه سيكون “حازمًا” معه بخصوص إنهاء حرب غزة.
وسبق لنتنياهو أن أعلن عزمه التوجه إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل، للقاء كبار المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي، في زيارة تأتي في وقت تتصاعد فيه الانتقادات له داخل إسرائيل، لا سيما من عائلات الأسرى الذين يرون أن الحكومة توظف الملف الإنساني لتحقيق مكاسب سياسية.
منذ السابع من أكتوبر 2023، تخوض إسرائيل حربًا مدمّرة على قطاع غزة، شملت عمليات قتل وتجويع وتهجير، وأسفرت عن سقوط نحو 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، وفق بيانات فلسطينية، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود ومئات الآلاف من النازحين. وتواجه تل أبيب اتهامات دولية متزايدة بارتكاب “إبادة جماعية”، فيما لم تفلح نداءات المنظمات الدولية ولا أوامر محكمة العدل الدولية في كبح الحملة العسكرية، التي لا تزال تحظى بدعم أمريكي واسع.