بدأ الرئيس الرواندي بول كاجامي، اليوم الثلاثاء، زيارة دولة إلى الجزائر، هي الثانية من نوعها منذ عام 2015، في خطوة تعكس حرص البلدين على دفع العلاقات الثنائية نحو آفاق أوسع، وتعزيز التعاون السياسي والأمني والاقتصادي بين الجزائر ورواندا، البلدين الفاعلين في القارة الإفريقية.
تأتي هذه الزيارة الرسمية في ظرف إقليمي ودولي دقيق، حيث تشهد القارة تحولات جيوسياسية متسارعة، وتطلعات متنامية نحو بناء شراكات إفريقية قوية ومستقلة، بعيدا عن الضغوط الدولية والتجاذبات التقليدية.
علاقات تتجدد: من زيارة 2015 إلى مرحلة جديدة من التنسيق
تُعد هذه الزيارة الثانية للرئيس كاجامي إلى الجزائر، بعد زيارة أولى دامت ثلاثة أيام في أبريل 2015. لكنها تحمل دلالات أوضح اليوم، في ظل ما تشهده علاقات الجزائر بعدد من القوى الدولية من توتر، خاصة مع فرنسا. كما تأتي بعد أقل من شهر على زيارة رئيس أركان الدفاع الرواندي، الفريق أول مبارك موجانجا، الذي قاد وفداً عسكرياً رفيع المستوى إلى الجزائر، ما يشير إلى رغبة البلدين في تعزيز التنسيق العسكري والأمني، إلى جانب التعاون السياسي والدبلوماسي.
أجندة مزدحمة.. لقاء مرتقب مع تبون
وفق مصادر دبلوماسية، من المنتظر أن يلتقي الرئيس كاجامي بنظيره الجزائري عبد المجيد تبون، حيث سيبحثان سبل تقوية العلاقات الثنائية، وفتح مجالات جديدة للتعاون في قطاعات التكنولوجيا، الدفاع، الطاقة، التعليم العالي، والزراعة الذكية. كما سيستعرضان الأوضاع في القارة الإفريقية، وسبل تعزيز العمل الإفريقي المشترك داخل المحافل الإقليمية والدولية.
وبحسب نفس المصادر، تسعى الجزائر ورواندا لتوحيد المواقف في القضايا الإفريقية الكبرى، وعلى رأسها الأمن الإقليمي، إصلاح الاتحاد الإفريقي، وقضية تمثيل القارة في مجلس الأمن الدولي.
الدبلوماسية الرياضية حاضرة في المشهد
في بُعد لافت، لم تستبعد مصادر مطلعة أن يحضر الرئيس الرواندي المباراة الودية التي ستجمع المنتخب الرواندي بنظيره الجزائري، الخميس المقبل، على ملعب مدينة قسنطينة شرقي البلاد. وتحمل هذه المباراة دلالة رمزية على الروابط الثقافية والرياضية التي تعزز العلاقات بين الشعوب، وتؤكد أن التعاون لا يقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب.
وتشكل زيارة كاجامي فرصة لإعادة رسم معالم شراكة إفريقية-إفريقية مبنية على الندية والتكامل، خصوصًا وأن الجزائر ورواندا تُعدّان من الدول التي تسعى جاهدة لقيادة مبادرات إفريقية لحل النزاعات وتعزيز التنمية المستدامة داخل القارة.
وتشير تطورات العلاقات بين البلدين إلى رغبة حقيقية في تجاوز الأطر التقليدية للتعاون، والانتقال إلى بناء تحالفات استراتيجية تعزز مكانة القارة على الساحة الدولية، وتدعم استقلال القرار الإفريقي في عالم يشهد إعادة تشكيل موازين القوى.