وسط أزمة متفاقمة منذ شهور بشأن الرواتب والنفط، تتحرك الوساطة التي يقودها رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني بين بغداد وأربيل نحو محطة حاسمة، مع وصول وفد كردي رفيع إلى العاصمة العراقية حاملاً مقترحات قد تفضي إلى اتفاق طال انتظاره، ويعيد انتظام الرواتب لموظفي الإقليم.
أنهى رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، جولة وساطة وصفت بأنها “ناجحة” بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، تناولت ملفات شائكة على رأسها: أزمة الرواتب، ومستحقات النفط، وقانون النفط والغاز المؤجل منذ خمس دورات برلمانية.
وبحسب مصادر مطلعة من بغداد وأربيل، فإن الوفد الفني الكردي الذي وصل إلى بغداد الإثنين يحمل ردّاً رسمياً من حكومة الإقليم، يتضمن موافقة مبدئية على المطالب الاتحادية، بما قد يُمهّد لإعلان اتفاق شامل خلال اجتماع مجلس الوزراء العراقي المرتقب يوم الثلاثاء.
السوداني يدعم الوساطة.. ومساعٍ لحلول مستدامة
رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني أعطى الضوء الأخضر للمشهداني للقيام بالوساطة، وأبدى تشجيعاً لإيجاد مخرج دائم للنزاع المالي والإداري مع أربيل، خاصة في ظل فشل البرلمان المتكرر في تمرير قانون النفط والغاز، واستمرار الخلاف حول المناطق المتنازع عليها، ولا سيما كركوك والمادة 140 من الدستور.
وبينما تبادلت بغداد وأربيل في الأسابيع الماضية رسائل سياسية، واصل وزراء أكراد في الحكومة الاتحادية، مثل وزير الخارجية فؤاد حسين، لعب دور محوري في تخفيف الاحتقان.
مقترحات كردية.. ورواتب قد تُطلق خلال أيام
الوفد الكردي، الذي يعد الثاني خلال أسبوعين، ضم مسؤولين بارزين من حكومة الإقليم، وجاء هذه المرة محملاً بمقترحات “عملية” بخصوص ملف عائدات النفط المصدر من كردستان، وهو لبّ الخلاف بين الطرفين.
وأفادت المصادر أن حكومة الإقليم قدمت رداً إيجابياً، وهو ما يفتح الباب أمام الحكومة الاتحادية لإعلان قرارها بصرف رواتب موظفي كردستان المتوقفة منذ أكثر من شهرين، حال التوصل إلى اتفاق نهائي.
لقاءات في أربيل.. المشهداني يجتمع مع مسرور ونيجيرفان ومسعود بارزاني
خلال زيارته الأخيرة إلى أربيل، التقى المشهداني كلاً من رئيس الحكومة الكردية مسرور بارزاني، ورئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، إلى جانب الزعيم الكردي مسعود بارزاني.
وأكد بيان صادر عن رئاسة إقليم كردستان، أن الجانبين ناقشا “العلاقات بين أربيل وبغداد، وسبل تجاوز الخلافات استناداً إلى الدستور”، كما تم التوافق على أهمية معالجة أزمة الرواتب، وضرورة تحييدها عن الخلافات السياسية.
نحو خريطة طريق.. والأمل بإنهاء سنوات التعثر
نيجيرفان بارزاني عبر عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى “خريطة طريق” لحل الملفات العالقة، واصفاً جهود المشهداني بأنها خطوة نحو إعادة بناء الثقة بين المركز والإقليم.
من جانبه، شدد المشهداني على أهمية تحييد رواتب الموظفين عن النزاعات السياسية، قائلاً: “نحن مع المواطن الكردستاني لأنه جزء من الشعب العراقي، تماماً كما هي الحال مع مواطني المحافظات كافة”.
مجلس النواب على الخط.. والتزام كردي تجاه النفط
في بيان رسمي، أكد مجلس النواب العراقي على “الاستعداد الكامل لبدء حوار جاد”، وعلى أهمية أن يكون للمجلس دور أساسي في تقريب وجهات النظر، والوصول إلى علاقة إدارية منسجمة لا تخضع للتجاذبات السياسية.
وكان مجلس وزراء الإقليم قد أعلن، الأسبوع الماضي، تنفيذ كافة التزاماته فيما يخص تسليم النفط عبر شركة “سومو” الحكومية وتحويل الإيرادات إلى وزارة المالية الاتحادية، داعياً بغداد إلى إنهاء ما سماه “سياسة الحرمان”.
بوادر انفراج.. لكن الحذر قائم
رغم الإشارات الإيجابية، لا تزال بعض القضايا الكبرى – مثل حصة الإقليم في الموازنة، والمناطق المتنازع عليها، وقانون النفط – بحاجة إلى تفاهمات أوسع، لكن اتفاق “المشهداني – بارزاني” المحتمل يمثل فرصة نادرة لإنهاء جمود سياسي دام لسنوات.
وفي حال صدقت التوقعات، فقد تحمل الساعات القادمة خبرًا طال انتظاره لموظفي الإقليم: الإفراج عن رواتبهم بعد شهور من القلق والترقب.