أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، اليوم الثلاثاء، أن بلاده قررت وقف كافة الضربات الجوية في اليمن على الفور، وذلك بعد تلقيه، حسب تعبيره، رسالة واضحة من جماعة الحوثيين تفيد بأنهم لا يرغبون في مواصلة القتال.
وقال ترامب خلال مؤتمر صحافي عقده في المكتب البيضاوي أثناء استضافته لرئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني: “هذه أخبار جيدة. قالوا لنا إنهم لا يريدون القتال. وأنا أقبل بكلمتهم وسنوقف قصفنا فورًا”. وأضاف: “إنهم فقط لا يريدون القتال، وسنحترم ذلك”.
هذا التصريح يأتي بعد أسابيع من القصف الأميركي المكثف الذي استهدف مواقع عسكرية ومدنية في صنعاء والحديدة ومناطق أخرى، وأدى إلى سقوط العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح، وتسبب في دمار واسع للبنية التحتية بما في ذلك انقطاع الكهرباء وتضرر مصانع وموانئ.
وفي تعليق لاحق، أوضح وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن المهمة الأميركية كانت محددة منذ البداية بوقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر. وقال: “إذا توقف هذا، فسنتوقف. لم يكن هدفنا أبعد من ذلك”.
وعندما سئل ترامب عن وجود اتفاق رسمي مع الحوثيين، نفى وجود اتفاق مكتوب أو تفاهم مفصّل، مؤكداً أن الأمر لا يعدو كونه طلبًا مباشراً من الحوثيين بوقف القصف مقابل وقفهم للهجمات. وأعلن أنه سيكشف خلال الأيام القليلة المقبلة عن مبادرة مهمة تتعلق بالشرق الأوسط، وذلك قبيل رحلته المرتقبة إلى السعودية وقطر والإمارات.
وفي سياق متصل، نشر المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، تغريدة تتضمن إعادة نشر لتصريحات وزير الخارجية العماني بدر البورسعيدي، الذي أكد بدوره نجاح مساعٍ دبلوماسية قادتها سلطنة عمان في التوصل إلى اتفاق غير معلن بين واشنطن وجماعة الحوثي.
وأشار البورسعيدي إلى أن النقاشات المكثفة بين مسقط وصنعاء وواشنطن أفضت إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار، يتضمن ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وعدم استهداف السفن الأميركية في المنطقة، مقابل وقف واشنطن لهجماتها.
غير أن هذا الموقف الأميركي لم يلقَ ردًا مماثلاً من جانب جماعة الحوثي التي أصدرت بيانًا سياسيًا شديد اللهجة يؤكد استمرارها في مهاجمة المواقع الإسرائيلية، ضمن ما وصفته بـ”خيار الجهاد والمقاومة”، معتبرة أن الهجمات التي تتعرض لها اليمن تهدف لفرض حصار شامل وحرمان الشعب اليمني من حقوقه السيادية.
وتزامن الإعلان الأميركي عن وقف الضربات، مع قصف جديد نفذته طائرات حربية إسرائيلية على مطار صنعاء الدولي، ما أدى إلى تعطيله بالكامل، بحسب ما أفاد به جيش الاحتلال. كما استهدف الطيران الأميركي-الإسرائيلي المشترك، مساء اليوم، مصنع إسمنت عمران شمال العاصمة، في تصعيد مستمر رغم ما أُعلن من تهدئة.
وفي أول سابقة من نوعها، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي إنذاراً مباشراً بضرورة إخلاء مطار صنعاء والمنطقة المحيطة به، في خطوة تنذر بتحول جديد في أسلوب إدارة العدوان على اليمن.
يبقى أن نرى إن كانت هذه التصريحات المتضاربة من الأطراف الفاعلة ستقود إلى تهدئة حقيقية، أم أنها لا تعدو كونها جزءاً من مناورات سياسية في ظل استحقاقات إقليمية ودولية مرتقبة، أبرزها زيارة ترامب المرتقبة إلى الخليج، والتي قد تحمل معها تفاصيل جديدة حول إعادة رسم المشهد الإقليمي وأدوار القوى الكبرى فيه.