منذ تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة في جنوب إفريقيا؛ ازداد تفاؤل الشركات الألمانية في المنطقة. ووفقًا لاستطلاع رأي جديد أجرته الغرفة الألمانية للتجارة والصناعة (AHK) في جنوب إفريقيا؛ لا تزال التحديات قائمة مع وجود أصوات ترى أنه قد لا يكون هناك جديد، لكن هناك المزيد من التطلعات للتغلُّب على العقبات واستغلال الفرص المواتية لرفع معدلات الإنتاج وفق مؤشرات وأرقام واعدة تؤكد أن جنوب إفريقيا لا تزال بوابةً مهمةً لأسواق إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ككل.
أكثر من نصف الشركات الألمانية في جنوب إفريقيا متفائلة بالآفاق الاقتصادية القادمة، وذلك وفقًا لاستطلاع أجرته مؤخرًا الغرفة الألمانية للتجارة والصناعة (AHK) في جنوب إفريقيا. ووفقًا لنتائج الاستطلاع؛ تتوقع 64% من الشركات الألمانية التي شملها الاستطلاع في جنوب إفريقيا زيادة في أرقام المبيعات. وفي جنوب إفريقيا، لا تزال هذه النسبة 58%. وتتوقع 48% من الشركات في جنوب إفريقيا أيضًا زيادة في الأرباح. وعلى مستوى المنطقة ككل، تزيد هذه النسبة قليلاً عن الثلث. بدَوْره، صرَّح “بيتر فان بينسبرجن”، رئيس الغرفة الألمانية للتجارة والصناعة في جنوب إفريقيا، في مقابلة مع Table.Briefings، قائلاً: “نحن متفائلون بحذر”.
المناخ الاقتصادي
من جهتها، تُخطِّط 44% من الشركات الألمانية في جنوب إفريقيا لزيادة استثماراتها خلال السنوات الثلاث المقبلة؛ بل إن 10% منها تُخطِّط لاستثمارات تتجاوز ثلاثة ملايين يورو. ولكن، يختلف الوضع في المنطقة، حيث تُخطِّط شركة واحدة من كل خمس شركات للاستثمار، بينما تُخطط 3% فقط لاستثمار أكثر من ثلاثة ملايين يورو. وعلى المدى القصير، تعتبر 71% من الشركات في جنوب إفريقيا زيادة المبيعات أهم أهدافها، بينما تسعى 61% منها إلى توسيع حصتها السوقية، بينما تُريد 42% خفض تكاليفها.
وعقب الانتخابات التي جرت في جنوب إفريقيا قبل تسعة أشهر، ازداد التفاؤل بين الشركات الألمانية. فمنذ يونيو 2024م، تقود دولة “كيب تاون” حكومة وحدة وطنية؛ إذ تعتقد 77% من الشركات التي شملها الاستطلاع أن الإصلاحات التي أدخلتها الحكومة الجديدة تُحدِث تأثيرًا إيجابيًّا على المناخ الاقتصادي. ولكن، لا يزال 65% يتوقعون ألا تطرأ سوى تحسينات طفيفة على المناخ الاقتصادي للدولة، بينما لا يتوقع حوالي الخمس (21%)؛ أي تغييرات على الإطلاق.
من جانبه، يوضح “فان بينسبرجن”، الرئيس التنفيذي لمجموعة BMW جنوب إفريقيا، وهو أيضًا أول جنوب إفريقي يشغل هذا المنصب، قائلاً: “قبل الانتخابات، سادت حالة من عدم اليقين بشأن ما سيحدث لاحقًا. وقد استعدت العديد من الشركات للسيناريو الأسوأ”. ويضيف: “مع الحكومة الجديدة، عادت أجواء الثقة، وانخفضت أسعار الفائدة، واستقر سعر صرف الراند. كل هذه الأسباب أسهمت في تشكيل هذا المزاج الإيجابي لدى المستثمرين، وهذه أيضًا توقعاتنا لهذا العام؛ فالشركات الألمانية ترى فرصها هنا في كيب تاون”.
الأوضاع البيروقراطية
لقد شاركت 98 شركة في الاستطلاع الذي أَجْرته الغرفة الألمانية للتجارة والصناعة في جنوب إفريقيا AHK بالتعاون مع شركة التدقيق KPMG بين شهري نوفمبر وديسمبر. وقد عكف المشاركون في الاستطلاع على تحديد نقاط ضعف الاقتصاد في جنوب إفريقيا: نصف الشركات الألمانية ترغب في ظروف سياسية أكثر استقرارًا لأعمالها، وأقل من النصف بقليل ترغب في الحدّ من الأوضاع البيروقراطية، بينما يرغب ثلثها تقريبًا في الحد من الفساد. كما يرغب ثلث المشاركين في تحسين إمدادات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى خفض معدلات الجريمة في منطقة كيب تاون.
ويضيف “بينسبرجن”: “لا يمكننا الحفاظ على خط إنتاج تنافسي في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توافر مياه كافية”. هناك أيضًا مشكلات تتعلق بإصدار تأشيرات للخبراء الألمان. هذه التأشيرات مطلوبة في جنوب إفريقيا، على سبيل المثال، لإنشاء خطوط إنتاج جديدة. يقول “بينسبرجن”: “هذا الإجراء يُشكِّل جزءًا من الجودة المتوقعة التي نُقدّمها؛ حيث نشارك المعرفة ونُدرّب الأفراد، وهو جزء من مسؤوليتنا الاجتماعية في جنوب إفريقيا. وبدون استصدار هذه التأشيرات، يكاد يكون الأمر مستحيلاً”.
بالنسبة لـ44% من الشركات التي شملها الاستطلاع، لا تزال جنوب إفريقيا بوابةً مهمةً لأسواق منطقة جنوب إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ككل. ويُقدّر ما يزيد قليلاً عن ثلث الشركات التي شملها الاستطلاع شبكة الموردين وشركاء الأعمال المحليين الموثوق بهم في جنوب إفريقيا.
بدوره، يقول بينسبرجن: “تمتلك جنوب إفريقيا العديد من المزايا؛ فلدينا اقتصاد قويّ إلى حدّ ما، وسوق متنوعة، وأسواق رأسمالية متطورة تسمح بتدفق رأس المال في كلا الاتجاهين”. لذلك، لا يمكن للشركات الألمانية تجاهل جنوب إفريقيا، على الرغم من تزايد المنافسة، كما هو الحال في شرق إفريقيا، على سبيل المثال. ومع ذلك، لا تزال البنية التحتية المتهالكة، مثل خطوط السكك الحديدية والموانئ، تُشكِّل عائقًا أمام تصدير المنتجات المُصنَّعة في جنوب إفريقيا.
الناتج المحلي
كما تتمتع منطقة التجارة الحرة الإفريقية (AfCFTA)، القائمة منذ عام 2021م، وتضم 54 دولة، ولكنها لا تزال قيد الإنشاء، بتأثير إيجابي في المنطقة. ويتوقع ثلث الشركات زيادة المبيعات بفضل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. وترى 28% من الشركات التي شملها الاستطلاع أيضًا آثارًا إيجابية للغاية على اتفاقية (أغوا) التجارية، التي تمنح 40 دولة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى إمكانية الوصول إلى السوق الأمريكية بإعفاءات من الرسوم الجمركية.
معظم الشركات الألمانية متفائلة، وتثق بالسوق الجنوب إفريقية. ويشير “بينسبرجن” إلى أنه من المنتظر أن “نشهد نموًّا إيجابيًّا في الناتج المحلي الإجمالي في جنوب إفريقيا هذا العام بنسبة تقارب 2%، بينما كان أقل من 1% العام الماضي”.
ويضيف: “الطلب المحلي الناتج وحده سوف يساعدنا بالتأكيد”. وترغب الحكومة في زيادة الاستثمار، لا سيما في البنية التحتية، وهي مهتمة للغاية بالاستثمار الأجنبي. ويضيف: “الشركات الألمانية مستعدة لذلك، ولن تبدي هذا الاستعداد لو لم نكن نؤمن بمستقبل البلاد الواعد”.