في محاولة جادة للحد من حوادث الغرق التي تكررت مؤخرًا في شواطئ تونس، يدرس البرلمان التونسي مشروع قانون مثير للجدل يمنع القصر دون سن 15 من السباحة أو اللعب في البحر دون مرافقة شخص بالغ، مع فرض غرامات مالية صارمة على أوليائهم. هذه الخطوة التي تقدم بها 26 نائبًا تهدف إلى تنظيم الفضاءات المائية وضمان الحد الأدنى من إجراءات السلامة في الأماكن العامة المخصصة للسباحة.
تشديد الرقابة.. وغرامات للردع
بحسب ما صرحت به النائبة أسماء درويش، فإن مشروع القانون يتضمن 14 فصلًا تركز على تحديد مناطق السباحة المصرح بها، ومنع السباحة في الأودية والبحيرات والسدود والمناطق غير المرخصة، وإلزام البلديات بتوفير فرق الإنقاذ والمعدات الأساسية، وفرض غرامات مالية على المخالفين، تصل إلى 10 آلاف دينار تونسي (حوالي 3450 دولارًا)
أما أولياء الأمور الذين يتركون أبناءهم دون رقابة، فيواجهون غرامة مباشرة قدرها 500 دينار تونسي (حوالي 172 دولارًا) في حال خرق القانون.
أرقام مقلقة تدفع للتشريع
تأتي هذه التحركات التشريعية على خلفية أرقام مقلقة نشرتها الحماية المدنية، حيث سجلت البلاد 26 حالة وفاة غرقًا في شهر يونيو فقط، معظمهم من الأطفال. وقد شهدت العديد من الشواطئ حوادث مأساوية خلال الأسابيع الماضية، دفعت السلطات للتفكير في حلول قانونية عاجلة.
في المقابل، أثار مشروع القانون جدلًا في الأوساط الحقوقية والاجتماعية. بعض الأصوات اعتبرت أن فرض غرامات على أولياء الأمور قد يشكل عبئًا إضافيًا على الأسر، خاصة في المناطق الفقيرة التي تفتقر إلى مسابح أو بدائل آمنة. كما تساءل آخرون عن قدرة البلديات فعليًا على توفير المعدات وفرق الإنقاذ اللازمة، في ظل الأزمات المالية التي تعاني منها بعض المجالس المحلية.
مسؤولية جماعية: الدولة والمواطن والأسرة
القانون، وفقًا لمعديه، لا يهدف فقط إلى العقاب، بل إلى تحفيز المسؤولية الجماعية في حماية الأطفال. فهو يتضمن أيضًا عقوبات على السلطات المحلية في حال تقصيرها في تجهيز الشواطئ بوسائل الإنقاذ والمراقبة. كما يسعى لضبط تنظيم الفضاءات المائية عبر قوانين واضحة تلزم جميع الأطراف المعنية بالامتثال لمعايير السلامة.
تشريع وقائي أم عبء جديد؟
بين مؤيد يرى في القانون خطوة ضرورية لحماية أرواح الصغار، ورافض يعتبره مفرطًا في التشدد، يبقى مشروع قانون “السباحة الآمنة” في تونس محط نقاش واسع، ويطرح تساؤلات عميقة حول دور الدولة والأسرة في ضمان سلامة الأطفال في الفضاءات العامة.
وفي انتظار مناقشته داخل لجنة التشريع، يترقب التونسيون ما إذا كان هذا المشروع سيمرّ أم سيغرق في بحر الاعتراضات.