في تطور لافت ضمن مسار التصعيد المستمر بين إسرائيل و«حزب الله»، أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأحد، 29 يونيو 2025، مقتل عباس الحسن وهيبي، الذي وصفه بأنه «مسؤول استخبارات» في إحدى كتائب قوات الرضوان التابعة للحزب، وذلك إثر غارة جوية استهدفت منطقة محرونة جنوب لبنان.
العملية التي وصفتها تل أبيب بـ«النوعية»، تأتي بعد أقل من 24 ساعة على إعلان مقتل قيادي آخر في الحزب، ما يثير تساؤلات حول أهداف إسرائيل من هذا التصعيد، واحتمالات انزلاق الوضع إلى مواجهة أوسع.
من هو عباس الحسن وهيبي؟
بحسب بيان الجيش الإسرائيلي، فإن وهيبي كان يشغل موقعاً استخباراتياً حساساً ضمن كتائب الرضوان، القوة النخبوية التابعة لـ«حزب الله»، والمتهمة مراراً من الجانب الإسرائيلي بمحاولات تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف عبر الحدود.
وذكر البيان أن وهيبي كان متورطاً في إعادة تأهيل بنية الحزب العسكرية، إضافة إلى دوره في نقل الأسلحة في انتهاك صريح لما تصفه إسرائيل بـ«التفاهمات غير المكتوبة» القائمة منذ نهاية حرب 2006 بين الطرفين.
تصعيد مزدوج.. وإشارات تحذيرية
لم يكن اغتيال وهيبي هو الحدث الأمني الوحيد في جنوب لبنان خلال الساعات الأخيرة. ففي اليوم السابق، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل حسن محمد حمودي، مسؤول الصواريخ المضادة للدروع في «حزب الله» بمنطقة بنت جبيل. وجاء في البيان أن حمودي كان مسؤولاً عن تنفيذ وتوجيه عمليات استهداف عبر صواريخ مضادة للدبابات، استهدفت مواقع عسكرية ومدنية إسرائيلية في الأسابيع الأخيرة.
وتزامن هذا الإعلان مع تنفيذ إسرائيل لسلسلة غارات مكثفة على مدينة النبطية، أدت إلى مقتل امرأة مدنية وإصابة 25 آخرين، في واحدة من أعنف الهجمات منذ شهرين، حسب مصادر لبنانية.
ردود فعل أولية في لبنان وإسرائيل
في لبنان، لم يصدر تعليق رسمي من «حزب الله» حتى لحظة إعداد التقرير، غير أن شهود عيان في النبطية أكدوا أن القصف كان عنيفاً وغير مسبوق، واستهدف شققاً سكنية ما أدى إلى أضرار كبيرة ووقوع ضحايا مدنيين.
أما في إسرائيل، فقد حظيت العمليات العسكرية الأخيرة بتغطية إعلامية موسعة، اعتبرتها بعض وسائل الإعلام “إشارة واضحة لتغيير قواعد الاشتباك”، خصوصاً في ظل حديث مستمر عن ضغوط سياسية داخل الحكومة الإسرائيلية للتعامل بحزم مع تهديدات «حزب الله».
هل ينهار خط التهدئة بين الجانبين؟
ورغم أن التصعيد الأخير يعكس تصاعداً في الاستهداف النوعي من جانب إسرائيل، فإن محللين عسكريين يرون أن الطرفين ما زالا يتجنبان الانزلاق إلى مواجهة شاملة، في ظل تعقيدات إقليمية وحسابات داخلية.
لكنّ قتل قياديين من الصف الأول في الحزب قد يدفع الأخير إلى ردود محسوبة، أو حتى عمليات محدودة خلف الحدود، لإثبات الجاهزية والردع، دون فتح جبهة حرب مفتوحة.
المدنيون يدفعون الثمن
في النبطية، لا تزال فرق الإسعاف تزيل الركام وتبحث عن ناجين بين الأنقاض، وسط حالة من القلق والترقب لدى الأهالي الذين عاشوا ساعات من الرعب. وفي مشهد يختصر المأساة، التُقطت صور لسيدة تُسعف جارتها وسط الحطام، في لحظة تجسد واقع المدنيين الذين يقفون على خط النار.
لا يبدو أن وتيرة الغارات أو الاغتيالات في جنوب لبنان ستنخفض قريباً، بل إن المؤشرات العسكرية والسياسية توحي بمزيد من التوتر. ومع كل قصف أو اغتيال، تتقلص مساحة المناورة بين التهدئة والانفجار، وسط مخاوف إقليمية من عودة مشهد 2006، ولكن بصيغة أكثر دموية وتعقيداً.