هل ستتخطى الإدارة الأمريكية سياسة المناورة مع النظام الإيراني؟

ندرك في الشرق الأوسط ما توليه الإدارة الأمريكية من رعاية واهتمام لنظام الملالي الحاكم على الرغم مع علاقاتها الوطيدة مع دول المنطقة؛ لكن مصالحها أكبر وأكثر عمقاً من خلال علاقتها من طهران تلك العلاقة التي تمكنها من خلق حالة من عدم التوازن بالمنطقة تؤدي بدورها إلى إدامة القلق والصراع بين الدول العربية وإيران ليمضي كل طرفٍ من أطراف الصراع في سباق التسلح الذي يدعم صناعة وتجارة الأسلحة الأمريكية والعالمية، وها قد وصلنا على أبواب سباق التسلح النووي بالمنطقة، ووفقاً لهذا النهج اعتدنا على سياسة المناورة التي تتبعها الإدارة الأمريكية الخادمة لنظام الملالي.

ولا يوجد من تسليم العراق لملالي إيران كهديةٍ على طبق من ذهب، وكذلك السكوت عن تدخلاتهم بالمنطقة بما في ذلك تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة وبالنتيجة هلاك العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين.. نعم في حقيقة الأمر يمكن القول بأن الإدارة الأمريكية ليست معنية بحال تلك الدول على أوضاعها بقدر ما يعنيها هدمها وإخراجها من تحت الرماد كما هو حال عراق الأمس وسوريا ولبنان وغزة لتبدأ مرحلة الهيكلة والبناء وفق تصور ونمطية تخدم المخططات الخاصة بالمنطقة…

هل من جديد لدى وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو في لقائه بالمقاومة الإيرانية وحضوره مؤتمراً لها…

بالأمس القريب جدا تلتقي أطراف من الإدارة الأمريكية الجديدة سراً بسفير النظام الإيراني الدائم في الأمم المتحدة أمير سعيد ايرواني وقد اعترف النظام الإيراني بذلك ونشرته صحيفة كيهان المقربة من ولي فقيه النظام 15 نوفمبر 2024 وذكرت الصحيفة ضمن ما نشرته أن اللقاء كان بقصد خفض التوتر بين النظام الإيراني والإدارة الأمريكية وتلمح الصحيفة بأن هذه اللقاءات والمفاوضات إنما يقوم بها تيار الإصلاحيين باعة الأوهام الذين يصفون ترامب بالتاجر لذا فإنه من وجهة نظرهم يمكن التفاوض معه كتاجر، وبقول الصحيفة هذا تود عصبة الولي الفقيه الحاكمة تبرئة ونفسها لتقول أن من قام بالتفاوض هي عصبة الإصلاحيين (باعة الوهم على حد قولها) موجهة رسالة إلى باعة الوهم هؤلاء قائلة إنه لمن الحماقة أن يضيع المرء كثيراً من وقته في التفكير في خطط ترامب.

لا نعلم إذا كانت الإدارة الأمريكية على علم بوجهة نظر الملالي هذه وبتبادل الأدوار في مسرحية النظام الإيراني هذه أو لا.. لكننا على علم بأن الوزير بومبيو من الذين يعرفون البئر وغطائه كما يُقال، ومن العارفين الخبراء بسياسة نظام الملالي والجادين في التوجه من أجل إسقاط وإزالة نظام الملالي، وكونه من المهمين لدى الإدارة الأمريكية سواء كان داخل أروقة السلطة أو خارجها لابد وأنه يحمل جديداً بعد سقوط نظام الأسد في سوريا ليفصح عنه في لقائه مع السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية ورئيسة الجمهورية المنتخبة للمرحلة الانتقالية في إيران بعد سقوط وزوال الملالي، وهل هناك جديداً أضافه بومبيو بحضوره وخطابه في مؤتمر المقاومة الإيرانية؟

اقرأ أيضا.. سقوط النظام الإيراني بات وشيكا

في خطابه بالمؤتمر أكد بومبيو على عدة محاور منها:

– كان سقوط بشار الأسد آخر ضربة لهيمنة النظام الإيراني في المنطقة، ولم يعد لهذا النظام أي نفوذ كالسابق، وأن النظام السوري كان بمثابة حجر الزاوية للمصالح الإيرانية في المنطقة، وقد تهاوى تماماً الآن ولم يعد للنظام الإيراني أي ساق يقف عليها، وأن روسيا وإيران في السابق قد حاولتا حماية بشار الأسد بكل ما لديهما من قوة إلا أن كل محاولاتهما قد باءت بالفشل.

– الرئيس ترامب سيعود إلى منصبه، لقد تحدث بالتفصيل عن إعادة حملة الضغط القصوى التي أثبتت نجاحها، وهذا يقودني إلى نقطة يجب أن نفكر فيها جميعاً هذا الصباح وفي الأيام المقبلة، يمكننا أن نشعر بأن نهاية النظام في متناول اليد.. أنتم المقاومة.. أنتم على الطريق الصحيح.

– لقد أظهرت تجربة سوريا كيف أن التغيير يمكن أن يتحقق من خلال القوى التي كرست جهودها على الأرض، والحلفاء خارج إيران، وبتاريخهم الطويل وقدراتهم التنظيمية المثيرة للإعجاب، لديهم قوة مجربة في المعارك، ولقد واجهت منظمة مجاهدي خلق النظام لعقود من الزمن في إيران وكانت أحد أكبر الضحايا المستهدفين في سنة 1988 التي شهدت مذبحة 30 ألف سجين سياسي داخل إيران، وكانت المنظمة هدفًا للإرهاب في الخارج وموضوعاً لحملات شيطنة ضخمة من قبل النظام في كل أسبوع خلال صلاة الجمعة في جميع أنحاء إيران، وكان النظام يستغل كل فرصة ممكنة لرفع الشعارات ضد المقاومة، وقد حاولت الآلة الدعاية التابعة للنظام وصف المنظمة بالطائفة المتشددة، ولو كان الأمر كذلك لما كنت هنا، ولا كان آلاف البرلمانيين من مختلف أنحاء العالم يقفون إلى جانبها.. ولكن أعتقد الآن أننا جميعاً نعرف الحقيقة.. وهي أنكم جميعاً مناضلون من أجل الحرية من الدرجة الأولى.

– أهم ما جاء في قول بومبيو: المطلب الأساسي من المجتمع الدولي هو الاعتراف بمحنة الشعب الإيراني وبحق وحدات المقاومة في مواجهة قوات النظام القمعية خاصة الحرس الثوري الإيراني، ونحن وكل محبي الحرية يجب أن نمنحهم هذا الاعتراف، وإن خطة السيدة مريم رجوي المكونة من 10 نقاط تتضمن إجراء انتخابات حرة في غضون ستة أشهر ونصف العام من الإطاحة بالنظام، وفصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الجنسين، وإيران غير نووية، وهذا يستحق دعم كل دولة.

– النظام الإيراني لا يعدو اليوم سوى كونه مجرد ورقة ستتساقط قريباً، والحرية للشعب الإيراني قاب قوسين أو أدنى، وأعتقد أنه كان مجرد نمر من ورق، وأن حقيقة سقوطه ستكون بسرعة كبيرة لتخبر العالم أن آية الله قد انتهى وأن وقته قد انتهى.

ومن هنا يمكن القول بأن الجديد لدى بومبيو إضافة إلى إشادته بالمقاومة الإيرانية وقيادة السيدة مريم رجوي هو اعترافه بمحنة الشعب الإيراني وحق وحدات المقاومة في مواجهة قوى النظام القمعية ودعوته للجميع بالاعتراف بذلك، وهو نفس المطلب الذي دعت إليه السيدة مريم رجوي بقولها: ( الاعتراف بالمقاومة الإيرانية ومعركة وحدات الانتفاضة يشكلان جزءا أساسيا من سياسة حازمة ضد نظام الملالي، و إن الاعتراف بالمقاومة الإيرانية ومعركة وحدات الانتفاضة ليس خياراً من بين خيارات متعددة، بل هو الحل الوحيد العملي والممكن في مواجهة الفاشية الدينية التي تحكم إيران)، كما دعم بومبيو برنامج المواد العشر الذي أشار إليه بوضوح.

كان خطاب بومبيو خطاباً مهماً وأهمه أن هناك من لديه هذا الفهم وهذا التوجه داخل الإدارة الأمريكية، ويرى في ذلك ضرورة لابد منها.. فهل ستتخطى الإدارة الأمريكية القادمة سياسة المناورة مع النظام الإيراني وتعترف بالمقاومة الإيرانية كبديل ديمقراطي إيراني مشروع، وتعترف بأن حق وحدات المقاومة والشعب الإيراني في مواجهة قوى نظام الملالي القمعية وعلى رأسها حرس النظام بشتى السبل والإمكانيات حقاً مشروعاً.. إن حدث ذلك فسيكون فعلا هو الحل الوحيد لمواجهة النار بالنار وشطب هذه المرحلة السوداء من تاريخ إيران والمنطقة… ولكن إن أفلح إصلاحيو الملالي ما تسميهم صحيفة كيهان بـ (باعة الوهم) في البيع والشراء مع إدارة الرئيس ترامب يكونوا قد نجحوا في إيقاع الإدارة الأمريكية الجديدة في شراكهم، وعندها يكون على المنطقة والعالم إيجاد حلا لهذا النظام الذي يتبادل الأدوار تارة بيد رهط خامنئي (باعة الكذب) وتارة بيد رهط خاتمي (باعة الوهم)، وسنقتدي بك في وصفك يا كيهان.