منذ بدء الحرب الإسرائيلية المدمّرة على غزة في أكتوبر، برزت حركة حماس كطرف محوري في الصراع، ليس فقط عسكريًا، بل سياسيًا وإعلاميًا. تسعى الحركة في هذه اللحظة المصيرية إلى إعادة صياغة صورتها عالميًا، عبر التركيز على الجوانب الإنسانية، وإظهار نفسها كمدافع عن الشعب الفلسطيني في مواجهة الإبادة الجماعية التي تُرتكب بحقهم.
وأحدث تلك الخطوات كان نعي البابا فرنسيس، في موقف حمل الكثير من الرسائل السياسية الناعمة، وقال باسم نعيم القيادي في حماس في نعي البابا “الراحل كان من أبرز الداعمين للحقوق الفلسطينية.. ووقف بوضوح ضد الإبادة في غزة”.
المكاسب الرمزية
في خضم الحرب، ركّزت حماس على التواصل مع الجهات الدينية والإنسانية، كتصريحاتها حول البابا، وخطاباتها للمنظمات الأممية، بالإضافة إلى الظهور بمظهر الضحية المدافعة عن شعبها – وتقديم سردية تقوم على أنها “تُحاصر وتُقصف وتُحارب”، لكنها باقية. واستثمار الجريمة الإسرائيلية دوليًا – خاصةً بعد مشاهد المجاعة والتدمير الهائل، الذي خلق تعاطفًا عالميًا مع غزة، بغض النظر عن المواقف من حماس نفسها.
والحقيقة هذه التحركات حققت بعض المكاسب الرمزية، أبرزها تصاعد دعوات الاعتراف بفلسطين في أوروبا، وانتقادات غير مسبوقة من الفاتيكان والأمم المتحدة ضد إسرائيل. لكن السؤال الأهم: هل يكفي هذا التعاطف لتبرير استمرار الحكم والسيطرة في غزة؟
رغم الخطاب الدولي، تواجه حماس اليوم أسئلة داخلية صعبة وصريحة: كيف تستمر حماس في حكم القطاع، رغم الدمار غير المسبوق الذي حل به؟ وهل كانت مستعدة سياسيًا وعسكريًا لحرب بهذا الحجم؟ وهل تم التفكير في سيناريو اليوم التالي؟ في حال توقفت الحرب، ما شكل الحكم؟ وما مصير مليوني إنسان؟.
الواقع أن حماس لا تزال ترفض أي طرح ينهي سيطرتها على غزة، حتى وإن كان ذلك مقابل وقف الحرب أو الإفراج عن الأسرى.
استعادة الشرعية الدولية
في المقابل، تشترط إسرائيل القضاء على حماس قبل الحديث عن هدنة، ما يعني أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الأكبر، بين حكومة ترفض التنازل، وعدو لا يرحم.
تحاول حماس استعادة الشرعية الدولية، عبر مواقف محسوبة كبيان نعي البابا، والتقرب من الأصوات المتعاطفة، بينما تواجه جبهة داخلية مشتعلة، تُحمّلها بشكل متزايد مسؤولية استمرار الكارثة، بسبب تمسكها بالسلطة في غزة مهما كان الثمن.