جاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي شبّه فيها حركة “حماس” بالنازيين وبالزعيم النازي أدولف هتلر، تأتي في سياق تصعيد لغوي وسياسي حاد يهدف إلى تبرير أفعال إسرائيل العسكرية، وخصوصاً في قطاع غزة. هذه التصريحات تحمل دلالات عميقة تتجاوز مجرد المقارنة التاريخية، لتكون جزءاً من سردية سياسية تُستخدم لتبرير العنف، وفرض واقع معين أمام المجتمع الدولي.
نتنياهو وصف “حماس” بأنها “تشبه النازيين تماماً”، وقال إنهم “يرغبون في قتل وإبادة جميع اليهود”، مشيراً إلى أن “هذا لن يحدث”، مؤكداً أن إسرائيل “عازمة على إبادة وحوش حماس”. هذا النوع من اللغة يحمل تحريضاً مباشراً، إذ يوظف مصطلحات ذات بعد عاطفي وتاريخي حساس للغاية مثل “الهولوكوست” و”الإبادة” لوضع الصراع الحالي في قالب من الخير المطلق مقابل الشر المطلق.
فرض حصار خانق
لكن في المقابل، واقع ما يحدث على الأرض – بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية – يُظهر أن إسرائيل تقوم بعمليات عسكرية واسعة النطاق في غزة، تسببت في استشهاد الآلاف من المدنيين، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية، وفرض حصار خانق على السكان. هذه الأفعال تم تصنيفها من قبل جهات محايدة كـ”جرائم حرب محتملة” أو على الأقل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
وبينما تبرر إسرائيل هذه العمليات بأنها تستهدف “مواقع حماس”، إلا أن نسبة الضحايا المدنيين المرتفعة، والتدمير الواسع الذي لحق بالمنازل والمستشفيات والمدارس، يثير تساؤلات حقيقية حول مدى دقة هذا التبرير، وعمّا إذا كانت إسرائيل تستغل خطاب “محاربة الإرهاب” أو “محاربة النازية الجديدة” كغطاء لإبادة جماعية أو تطهير عرقي ممنهج.
ذريعة ملاحقة حماس
المفارقة تكمن في أن إسرائيل – التي تأسست عقب واحدة من أسوأ الفظائع الإنسانية في التاريخ (الهولوكوست) – توظف ذكرى هذه المأساة لتبرير سياسات تُتهم هي ذاتها بتنفيذ أعمال قد ترقى إلى فظائع مماثلة، ولكن بحق شعب آخر هو الشعب الفلسطيني. ومن هنا تأتي خطورة هذه التصريحات، فهي تحوّل الصراع السياسي والميداني إلى صراع وجودي ديني وتاريخي، ما يعمّق الهوة ويُصعّب أي حلول سلمية مستقبلية.
بالتالي، نعم، هناك جدل عالمي واسع حول أن إسرائيل تُبرر أفعالها ضد المدنيين الفلسطينيين بذريعة ملاحقة حماس، عبر شيطنة الحركة إلى أقصى درجة ممكنة، ووضعها في نفس خانة النازيين، رغم أن الحقائق الميدانية تُظهر أن من يدفع الثمن الأكبر هم المدنيون العزّل، وليس المقاتلون فقط.