في ظل استمرار الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، تدخل العمليات العسكرية شهرها التاسع عشر وسط تصاعد التوترات داخلياً وخارجياً، في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل تحديات متزايدة على المستويين السياسي والعسكري.
رغم التصريحات المتكررة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولي الجيش الإسرائيلي حول مواصلة العمليات “حتى تحقيق النصر”، تشير المعطيات الميدانية إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تكبّد خسائر بشرية ومادية كبيرة خلال هذه الحرب، التي تُعدّ من أكثر العمليات تعقيداً في تاريخ المواجهات مع قطاع غزة.
خسائر جيش الاحتلال
بحسب تقارير متعددة صادرة عن مصادر إسرائيلية ودولية، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل ما يزيد عن 600 جندي منذ بدء الحرب، معظمهم خلال العمليات البرية في شمال ووسط وجنوب غزة، بالإضافة إلى إصابة آلاف الجنود بجروح متفاوتة، بينهم حالات حرجة وفقدان أطراف نتيجة للعبوات الناسفة والقناصة والهجمات المباشرة التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية. وتشير تقارير غير رسمية إلى أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى مما يُعلن، خاصة مع الرقابة العسكرية الصارمة المفروضة على الإعلام الإسرائيلي.
كما خسرت إسرائيل عدداً من الآليات العسكرية المتقدمة، بما في ذلك دبابات “ميركافا” ومركبات مدرعة، وتعرضت مواقعها لنيران كثيفة من قبل المقاومة.
التعنت الإسرائيلي في مفاوضات وقف إطلاق النار
على الرغم من الضغوط الدولية، لا سيما من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، تواصل إسرائيل تعنتها في مفاوضات وقف إطلاق النار. وقد توقفت جولات التفاوض التي رعتها مصر وقطر والولايات المتحدة بسبب إصرار إسرائيل على استمرار العمليات العسكرية قبل الإفراج عن جميع الرهائن، وهو ما ترفضه حركة “حماس” التي تطالب بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة كشرط أساسي لأي اتفاق تبادل.
ويُفسّر مراقبون هذا الموقف الإسرائيلي المتصلب بأنه جزء من استراتيجية داخلية تهدف إلى تهدئة الشارع الإسرائيلي، الذي يعيش حالة من الغليان بسبب فقدان الثقة بالقيادة السياسية وتزايد الضغط الشعبي من أهالي الرهائن. وتحاول الحكومة الإسرائيلية تصوير استمرار الحرب كضرورة وطنية للحفاظ على “الردع”، لكنها في الوقت ذاته تخاطر بتصعيد أزمة داخلية سياسية وأمنية متفاقمة.
أوضاع المدنيين في غزة
في المقابل، تستمر إسرائيل في استهداف المدنيين في غزة بشكل ممنهج، حيث تشير التقارير إلى استشهاد آلاف المدنيين الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى تهجير مئات الآلاف وتدمير شبه كامل للبنية التحتية الصحية والتعليمية والخدمية في القطاع.
تُتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة، وقد فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات أولية بهذا الشأن. لكن حتى الآن، لم تثمر هذه الجهود عن أي تغيير ملموس على الأرض، في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية اليومية على مناطق مأهولة بالسكان، الأمر الذي يفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع.