اندلاع حرائق الغابات قرب القدس في توقيت حساس كـ”يوم الذكرى” واحتفالات الاستقلال، يمثل ضربة مزدوجة لإسرائيل: بيئية وإنسانية، ولكن أيضاً سياسية. هذه الحرائق كشفت مجدداً عن هشاشة البنية التحتية لمواجهة الكوارث الطبيعية في ظل ظروف مناخية متطرفة، وهي أزمة تكررت أكثر من مرة في السنوات الأخيرة دون حلول جذرية. لكن ما يجعل هذه الحرائق مختلفة، هو تزامنها مع لحظة رمزية وطنية حساسة، ما يجعل تداعياتها أعمق من مجرد أزمة طارئة.
الخسائر المباشرة
إخلاء جماعي وخطر على الأرواح: إجلاء السكان من خمس تجمعات سكانية ومشاهد الهروب الجماعي على الطريق السريع بين القدس وتل أبيب أظهرت حجم الفوضى. هذا النوع من الإخلاء يمثل خللاً في قدرة الدولة على تأمين مواطنيها في قلب مركزها الحضري.
الطريق السريع بين القدس وتل أبيب ليس مجرد طريق، بل شريان اقتصادي وسياسي مهم. تعطيله يكشف عن تأثير الحرائق على الحركة العامة، وقد يعمّق الغضب الشعبي تجاه الأداء الحكومي.
إصابات وتكاليف إطفاء ضخمة: إصابة 12 شخصاً على الأقل، إلى جانب حشد أكثر من 120 دائرة إطفاء وطائرات ومساعدة دولية، يعني أن التكلفة المالية ستكون باهظة. هذا أيضاً يفتح باب النقد بشأن ضعف الاستعدادات رغم التحذيرات المتكررة.
إلغاء الاحتفال المركزي بيوم الاستقلال في القدس لم يكن قراراً تقنياً فقط، بل يحمل رمزية قوية تشير إلى أن إسرائيل، في لحظة احتفالها بـ”قيامها”، لم تتمكن من حماية رموز سيادتها ولا مواطنيها.
التأثير السياسي
في ظل حكومة بنيامين نتنياهو التي تعاني أصلاً من تحديات سياسية داخلية وخارجية، تأتي هذه الكارثة لتضيف ضغطاً جديداً، حيث الحكومة تواجه بالفعل مظاهرات واعتراضات على عدة سياسات، وحرائق بهذا الحجم قد تُستخدم كرمز لفشل الحكومة في توفير الأمن البيئي والمجتمعي.
ظهور شخصيات مثل إيتمار بن غفير في مواقع الكارثة يحمل بُعدين؛ الأول هو محاولة السيطرة على المشهد السياسي إعلامياً، والثاني هو تحمّل المسؤولية أمام جمهور غاضب، ما قد يفاقم من الضغوط عليه خصوصاً في حال استمرار الأزمة.
ستُفتح ملفات ميزانية الإطفاء، وخطط مواجهة الطوارئ، والتغير المناخي، وقد تُستخدم كأدوات سياسية من قبل المعارضة أو حتى داخل الائتلاف الحكومي، ما يعمّق من هشاشة الوضع السياسي الحالي.
ثغرات في النظام السياسي
طلب المساعدة من دول أوروبية قد يُفسَّر على أنه إقرار بعدم الجاهزية، مما يضعف صورة “الدولة القوية” التي تحاول إسرائيل تصديرها خصوصاً في محيطها الإقليمي.
هذه الحرائق ليست مجرد كارثة بيئية؛ بل أزمة وطنية كشفت ثغرات في النظام السياسي والإداري، وستفتح الباب لمساءلات شعبية وربما سياسية، في وقت تشهد فيه إسرائيل تصدعات داخلية عميقة