كشف تقرير نشره موقع “ميديا لاين” الأميركي عن تحركات إيرانية مقلقة تهدف إلى تعزيز وجود طهران العسكري والسياسي في سوريا، وذلك من خلال تدريب ودعم ميليشيات سورية موالية للنظام السابق في معسكرات سرية داخل الأراضي العراقية. هذه المعطيات تسلط الضوء على استراتيجية إيرانية واضحة تسعى إلى التحكم بمستقبل سوريا، بعيدًا عن أي حل سياسي أو استقرار مرتقب.
استثمار الفوضى لبناء جيش بديل
مع انهيار النظام السوري وسقوط مؤسساته العسكرية، لم تجد إيران فرصة أفضل لتعزيز نفوذها. فقد استقبلت الحدود العراقية آلاف العسكريين السوريين الفارين، الذين تم توزيعهم لاحقًا على معسكرات سرية في محافظة الأنبار، بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني وبمشاركة ميليشيات شيعية عراقية مثل حزب الله العراقي.
التقرير يشير إلى أن هذه المعسكرات تقع في مناطق مثل القائم وجرف الصخر، المعروفة بتبعيتها للحرس الثوري الإيراني. ويخضع فيها عناصر النظام السوري السابق لتدريبات مكثفة، تمهيدًا لإعادتهم إلى سوريا في الوقت المناسب، ولكن كقوة منفصلة تخدم مصالح إيران أولًا، لا كجزء من جيش وطني سوري.
الميليشيات بدل الدولة
في موازاة هذا الدعم العسكري، ظهرت مبادرات مريبة في الداخل السوري تهدف إلى تشكيل “قوات نخبة”، كما أعلن رجل الأعمال رامي مخلوف. ويقول مخلوف إن هذه القوات تتألف من 150 ألف جندي خاص، و150 ألف احتياطي، إضافة إلى مليون شخص من “اللجان الشعبية”، تحت إشراف اللواء سهيل الحسن المعروف بـ”النمر”. رغم نفيه وجود أي نية انتقامية، إلا أن توقيت الإعلان وتركيبته يشيران إلى رغبة واضحة في إنشاء كيان عسكري موازٍ للدولة، لكن بمرجعية إيرانية.
نهج محسوب لا يخلو من الخطر
إيران لا تتعامل مع سوريا باعتبارها دولة تحتاج إلى دعم سياسي أو اقتصادي، بل باعتبارها ساحة مفتوحة لإعادة التمركز الإقليمي. من خلال تجنيد وتدريب الميليشيات، تسعى طهران إلى أن تكون لها اليد الطولى في مستقبل البلاد، مستفيدة من تراجع القوى الأخرى وتشتت المواقف الدولية.
هذا التموضع الإيراني، وإن بدا غير مباشر، يحمل في طياته أخطارًا كبيرة. فوجود قوات مدربة وموالية لإيران على الحدود السورية، وبأعداد كبيرة، يعني أن أي تسوية سياسية ستبقى هشّة، لأن هناك دائمًا من يستطيع أن يقلب الطاولة بالقوة.
الوجه الجديد للتدخل الإيراني
تجربة الحشد الشعبي في العراق تتكرر في سوريا، ولكن بخصوصية سورية، وبتمويل وغطاء مختلفين. المعسكرات التي تحتضن الفارين من النظام السوري، والتصريحات التي تصدر من شخصيات مقربة من محور طهران، تؤكد أن إيران تسعى إلى أن تكون اللاعب الرئيسي في أي خريطة سياسية جديدة لسوريا، حتى وإن كان ذلك على أنقاض الدولة ذاتها.