في لقاء يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله نظيره الصيني شي جين بينغ في موسكو، أن العلاقات بين البلدين “مفيدة للطرفين وليست موجهة ضد أي أحد”. هذا التأكيد، الذي يأتي في سياق احتفالات روسيا بذكرى يوم النصر في الحرب العالمية الثانية، يحمل دلالات جيوسياسية هامة في ظل التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية.
بوتين، الذي وصف شي جين بينغ بـ”الصديق العزيز”، شدد على أن روسيا والصين تدافعان عن “الحقيقة التاريخية” بشأن الحرب العالمية الثانية، وهو ما يمثل تلميحاً واضحاً إلى رؤية مشتركة للتاريخ في مواجهة ما يعتبره البلدان تشويهاً للحقائق. هذا التأكيد على الرؤية التاريخية المشتركة يأتي في ظل محاولات بعض الدول الغربية لإعادة كتابة التاريخ، وفقاً لما يراه الجانبان.
من جانبه، لم يتردد الرئيس الصيني في التعبير عن دعم بلاده لروسيا في مواجهة ما وصفه بـ”التسلط القائم على الهيمنة”. هذا التصريح يعكس موقفاً صينياً واضحاً في الوقوف إلى جانب روسيا في مواجهة الضغوط الغربية، ويؤكد على التضامن بين البلدين في مواجهة ما يعتبرانه نظاماً دولياً أحادي القطب.
شي جين بينغ أكد أن “الثقة السياسية المتبادلة بين الصين وروسيا تزداد عمقا والروابط في سبيل تعاون عملي تزداد قوة”، مشيراً إلى أن “العلاقات الصينية الروسية أكثر ثقة واستقرارا ومرونة حاليا”. هذه التصريحات تعكس قناعة صينية راسخة بأهمية الشراكة مع روسيا، وأنها تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الصين لمواجهة التحديات الدولية.
تصريحات الزعيمين الروسي والصيني تأتي في سياق دولي متوتر، حيث تشهد العلاقات بين روسيا والغرب توتراً غير مسبوق على خلفية الحرب في أوكرانيا، بينما تشهد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة توتراً متصاعداً بشأن قضايا تجارية وتكنولوجية وسياسية.
في ظل هذه التطورات، يرى البعض في التقارب الروسي الصيني تحالفاً استراتيجياً يهدف إلى إعادة تشكيل النظام الدولي، بينما يرى آخرون أنه مجرد تحالف ظرفي يهدف إلى مواجهة الضغوط الغربية. ومع ذلك، فإن تصريحات بوتين وشي جين بينغ تؤكد على أن الشراكة بين البلدين تتجاوز المصالح الظرفية، وأنها تمثل رؤية مشتركة لنظام دولي متعدد الأقطاب.
إن لقاء الزعيمين الروسي والصيني في موسكو يمثل رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي، مفادها أن الشراكة بين البلدين مستمرة في التطور، وأنها تمثل قوة صاعدة في النظام الدولي. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الشراكة على التوازنات الدولية سيظل موضع نقاش وتحليل.