تشهد أسواق الدفاع العالمية تحولًا لافتًا بعد التصعيد الأخير بين الهند وباكستان على خلفية النزاع المزمن حول إقليم كشمير، إذ ألقت المواجهات الجوية بظلالها على بورصات عالمية، لتُسجّل أسهم شركات الدفاع الصينية ارتفاعات قياسية، مقابل اضطراب في أداء نظيراتها الغربية، وتحديدًا الفرنسية.
وفي قلب هذا التحول، جاءت المقاتلة الصينية متعددة المهام “J-10C”، التي استخدمتها القوات الجوية الباكستانية لإسقاط خمس طائرات هندية – بحسب إعلان رسمي من إسلام آباد – بينها ثلاث طائرات “رافال” فرنسية، وطائرة “ميغ-29″، وأخرى من طراز “سو-30″، وكلتاهما روسيتا الصنع. وقد أحدث هذا الإعلان صدمة في الأسواق، حيث قفز سهم شركة “أفيك تشنغدو لصناعة الطائرات”، المُصنّعة للطائرة J-10C، بنسبة 36.21% خلال يومين، وهو أعلى ارتفاع يومي مزدوج منذ أكثر من عامين.
وفي المقابل، تكبّدت شركة “داسو أفياسيون”، المصنعة لطائرات “رافال”، خسائر أولية في بورصة باريس بلغت 1.36%، وسط موجة من التساؤلات بشأن أداء الطائرة الفرنسية التي لطالما روّج لها على أنها إحدى أفضل المقاتلات في الجيل الرابع المتقدم. صحيح أن سهم “داسو” استعاد جزءًا من عافيته لاحقًا، بارتفاع بلغ 1.75%، إلا أن محللين حذّروا من استمرار الضغوط، وتوقّعوا انخفاضًا إضافيًا قد يصل إلى 5%، إذا ما تأكد فشل “رافال” في التفوق على نظيرتها الصينية، لا سيما في سيناريو مواجهة جوية حقيقية.
تأثير الحادثة يتجاوز حدود المؤشرات المالية، إذ ينعكس مباشرة على سُمعة السلاح في الأسواق الدولية. فبالنسبة للصين، تمثل هذه التطورات فرصة ذهبية لترسيخ صورة مقاتلاتها كبديل فعّال ومنخفض التكلفة في مواجهة النماذج الغربية، وهو ما عبّر عنه بوضوح آلاف المعلقين على منصة “ويبو” الصينية، حيث تحوّل الموضوع إلى ترند وطني طغى عليه طابع الفخر القومي. في حين عبّر بعض المحللين في الصحافة الصينية، ومنهم هو شيجين، عن قناعة بأن هذه الحادثة “تؤشر إلى تجاوز القدرات العسكرية الصينية لنظيراتها الفرنسية والروسية، وأن على تايوان أن تستعد للأسوأ”.
من الناحية الاستراتيجية، فإن استخدام باكستان لطائرات J-10C لا يعكس فقط تحوّلًا تكتيكيًا في عقيدة الردع، بل يؤكد اعتمادًا متزايدًا على الصناعة العسكرية الصينية. وتشير الإحصاءات إلى أن الصين شكّلت بين عامي 2019 و2023 نحو 82% من واردات الأسلحة الباكستانية، مقابل 51% فقط في الفترة الممتدة بين 2009 و2012، ما يعكس تعمّق التحالف العسكري بين بكين وإسلام آباد.
أما في الهند، فالموقف الرسمي لا يزال يتسم بالصمت، إذ لم تؤكد الحكومة ما إذا كانت الطائرات التي استخدمتها في الضربات الجوية فُقدت بالفعل. لكن هذا الغموض لا يقلل من وقع الضربة الرمزية، خصوصًا إذا ما تأكد أن طائرة “رافال”، التي دفعت نيودلهي مليارات الدولارات للحصول عليها، لم تُفلح في إثبات تفوقها على مقاتلة صينية أرخص وأحدث نسبيًا.
ولئن كانت هذه المواجهة الجوية لا تشكل حربًا شاملة، إلا أن نتائجها الإعلامية والاقتصادية والاستراتيجية ستكون طويلة الأمد، خاصة في ظل التنافس الدولي المحموم على سوق المقاتلات المتقدمة. وإذا استمر الزخم الصيني في حصد انتصارات ميدانية وتقنية، فإن حصة الشركات الغربية في سوق السلاح العالمي ستكون عرضة للتآكل، ما لم تواكب ذلك بتحديثات جوهرية في التصميم والتكتيك والأنظمة القتالية.