أثارت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية اهتماماً واسعاً في الأوساط السياسية الأمريكية، لا سيما في ظل التوترات الدولية المتصاعدة.
تعليق الكونجرس
وقد جاءت تصريحات عدد من نواب الكونغرس، وعلى رأسهم النائب الجمهوري مايك لولر، لتؤكد أهمية السعودية الاستراتيجية في المعادلة الدولية، ودورها المحوري في تحقيق الأمن والازدهار العالميين، إلى جانب موقعها الحاسم في السياسات الأمريكية الخارجية خلال العقد المقبل.
الأمن القومي الأمريكي
في حديثه لوسائل الإعلام، شدد عضو الكونغرس الأمريكي مايك لولر، عن ولاية نيويورك وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، على أن السعودية والهند هما “البلدان الأكثر حيوية بالنسبة للمصالح الأمريكية في السنوات العشر المقبلة”.
“لولر” الذي يترأس اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أشار إلى أن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وكل من الرياض ونيودلهي، هو السبيل نحو تعزيز العلاقات العسكرية أيضاً، ما يعزز استقرار النظام العالمي ويكبح الطموحات الجيوسياسية للخصوم.
لحظة فارقة
وجاءت زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة في بداية ولايته الأولى (مايو 2017) لتكون بمثابة إعادة رسم لملامح التحالف الأمريكي – الخليجي، وكانت السعودية أول دولة يزورها ترامب بعد توليه المنصب، وهو ما عدّته دوائر سياسية أمريكية “رسالة واضحة” على الأهمية التي توليها واشنطن للرياض.
وخلال الزيارة، تم التوقيع على اتفاقيات وصفقات استثمارية وعسكرية ضخمة، بلغت قيمتها نحو 460 مليار دولار، شملت صفقات تسليح بقيمة تفوق 110 مليار دولار، وكذلك ستثمارات سعودية في الاقتصاد الأمريكي، إضافة إلى شراكات استراتيجية في مجال الأمن والطاقة والتكنولوجيا.
تحول تاريخي
ووصفت الصحافة الأمريكية آنذاك هذه الزيارة بـ”التحول التاريخي” في العلاقات بين البلدين، و”إعادة ترسيخ التحالف الأمريكي-السعودي في وجه التحديات الإقليمية والدولية”.
وأعادت تصريحات “لولر” الجدل حول موقع السعودية في السياسة الأمريكية. فمع تصاعد النفوذ الصيني والروسي، يرى عدد متزايد من أعضاء الكونغرس أن السعودية ليست مجرد شريك اقتصادي، بل ركيزة للاستقرار الإقليمي، و”مفتاح لتحقيق توازن القوة في الشرق الأوسط”، بحسب تعبير بعض المحللين المقربين من الحزب الجمهوري.
وأشار لولر إلى أن “من يريد الاستقرار العالمي عليه أن يعزز العلاقات مع شركاء أقوياء”، مؤكداً أن السلام والازدهار في العالم يمران عبر بوابة التعاون مع السعودية والهند.
أبعاد استثمارية واستراتيجية
ولا تقتصر أهمية المملكة على بعدها الجيوسياسي، بل تمتد إلى دورها المركزي في سوق الطاقة العالمي، وقيادتها لمبادرات الاستقرار الإقليمي في الخليج واليمن، وأيضا جهودها في مكافحة الإرهاب والتطرف، بجانب خططها الاقتصادية الطموحة ضمن “رؤية السعودية 2030″، والتي جعلتها وجهة استثمارية كبرى للشركات الأمريكية في مجالات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية.
ولم تغب هذه المعطيات عن أعضاء الكونغرس، الذين يرون أن التحولات الداخلية التي تقودها القيادة السعودية تُعد عاملاً إضافياً في تقوية العلاقة بين البلدين.
هل هناك توجه لتوسيع الشراكات؟
بحسب ما نقلته صحيفة “بوليتيكو”، فإن تصريحات لولر تعكس تحولاً في توجهات الحزب الجمهوري نحو إعادة تموضع استراتيجي، يركز على الشراكة مع القوى الإقليمية الصاعدة، وعلى رأسها السعودية والهند، لمواجهة النفوذ الصيني والروسي.
ويشير مراقبون إلى أن هذه السياسة قد تترسخ أكثر إذا عاد الجمهوريون إلى البيت الأبيض في الانتخابات المقبلة، خصوصاً أن زيارة ترامب للمملكة كانت نقطة انطلاق لهذه الاستراتيجية.