في خطوة جديدة على طريق احتواء الصراع المتكرر في العاصمة الليبية، أعلن المجلس الرئاسي الليبي عن إطلاق آلية لتثبيت الهدنة في طرابلس، عقب اجتماع موسّع ضم قيادات عسكرية والمبعوثة الأممية هانا تيتيه. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد حدة الاشتباكات مؤخراً، ومطالب شعبية برحيل حكومة «الوحدة».
مبادرة لضبط المشهد الأمني
قال المجلس الرئاسي، بقيادة محمد المنفي، إن الاجتماع الذي عُقد مؤخراً في العاصمة خلص إلى إطلاق آلية تهدف لتثبيت الهدنة ودعم الترتيبات الأمنية التي قد تفضي إلى «تهدئة دائمة وتعزيز الاستقرار»، مشيراً إلى مسؤوليته بوصفه السلطة العليا للقيادة العسكرية في البلاد.
وأكدت المبعوثة الأممية هانا تيتيه دعم الأمم المتحدة الكامل لهذه الخطوة، معتبرة أن «إرساء ترتيبات أمنية مستدامة» ضروري لخلق بيئة سياسية آمنة تمهد لحوار وطني شامل.
تصاعد الاحتجاجات
رغم الإعلان عن الهدنة، لا تزال تداعيات التصعيد الأمني تتفاعل على الأرض، إذ شهدت طرابلس «شللاً تاماً» في الحياة اليومية، بعد أن أقدم محتجون على إغلاق كافة الطرق شرق العاصمة، في تعبير غاضب عن رفضهم أداء حكومة «الوحدة»، ومطالباتهم باستقالتها.
الاحتجاجات جاءت عقب الاشتباكات التي اندلعت مؤخراً بين مجموعات مسلحة في العاصمة، ما أعاد إلى الأذهان سيناريوهات الفوضى الأمنية التي عانت منها طرابلس في السنوات الماضية.
هل تنجح الهدنة في إنهاء الصراع؟
وتساءل مراقبون عمّا إذا كانت الآلية الجديدة كافية لإنهاء الصراع، خاصة في ظل هشاشة التفاهمات السابقة التي سرعان ما كانت تنهار أمام الحسابات المسلحة والولاءات المتشابكة.
ويرى البعض أن تثبيت الهدنة سيحتاج إلى أكثر من اتفاق عسكري، بل يتطلب مساراً سياسياً متكاملاً يتضمن إصلاحات حقيقية، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وإنهاء الانقسام السياسي الذي يضعف سيطرة الدولة.
تباين في الرؤى
في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أشار مسؤول أمني بارز إلى أن «القوات التي فُرضت للفصل بين المتقاتلين تعمل على تثبيت الهدوء، لكن التحدي الأكبر يكمن في منع تجدد الاشتباكات في أي لحظة».
من جهته، شدد المجلس الرئاسي على أنه سيستمر في التواصل مع كافة الأطراف العسكرية، ولن يسمح بانزلاق العاصمة مجدداً إلى الفوضى.
أما الحكومة، فرفضت التعليق المباشر على مطالب المحتجين باستقالتها، لكنها أكدت عبر متحدثها الرسمي أنها «تتابع التطورات عن كثب»، مشددة على «حرصها على سلامة المواطنين واستقرار العاصمة»، ولكن يبقى السؤال قائماً: هل تكون هذه الهدنة بداية حل حقيقي، أم مجرد توقف مؤقت للمعارك؟
ولكن بين دعم أممي وتحركات محلية، تبدو طرابلس أمام مفترق طرق حساس؛ فإما التقدم نحو تسوية شاملة، أو الانزلاق مجدداً في دوامة العنف، خاصة إذا لم تُترجم النوايا السياسية إلى خطوات ملموسة على الأرض.