في خطوة لافتة تعكس تحوّلاً نوعياً في إدارة ملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أعلن الرئيس اللبناني جوزيف عون، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، عن تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية، وذلك في ختام اجتماعهما في العاصمة بيروت، اليوم الأربعاء.
وأكد البيان المشترك الصادر عن اللقاء، حرص الجانبين على تحسين الظروف المعيشية للاجئين ضمن الأطر القانونية اللبنانية، بما يحفظ كرامتهم ولا يمس بحقهم في العودة إلى فلسطين.
توافق على الأمن والسيادة
ومن أبرز ما تضمنه البيان، التزام الجانب الفلسطيني بعدم استخدام الأراضي اللبنانية لأي نشاط عسكري، وضمان عدم تحوّل المخيمات إلى بؤر للتطرف أو ملاذات آمنة للمجموعات المسلحة. كما شدد الطرفان على مبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، في تأكيد مشترك على احترام سيادة لبنان ووحدته الداخلية.
أونروا في قلب الاتفاق
وفيما يعاني اللاجئون من تراجع في الخدمات الأساسية، جدّد الطرفان دعمهما لوكالة «أونروا»، مؤكدين على ضرورة استمرار عملها وتوسيع مواردها المالية لتلبية الحاجات المتزايدة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
لم يغفل اللقاء البعد الإقليمي، حيث دان الرئيسان الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة، مطالبين بتحرك دولي عاجل لوقفها وحماية المدنيين. كما شددا على ضرورة التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية في نوفمبر الماضي، في إشارة واضحة إلى الهجمات المتكررة على الأراضي اللبنانية.
لجنة المتابعة
يُنتظر أن تبدأ اللجنة المشتركة أعمالها في الأسابيع المقبلة، وسط ترقّب فلسطيني ولبناني لما يمكن أن تحققه من تهدئة داخلية وتحسين فعلي في حياة عشرات آلاف اللاجئين، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد.
ورغم أن الاتفاق يحمل مؤشرات إيجابية، إلا أن المراقبين يشيرون إلى أن نجاحه سيعتمد على تنفيذ الالتزامات، وحسن التنسيق الأمني والسياسي، ومواجهة التحديات المزمنة للمخيمات التي تعاني من الإهمال والتوترات منذ سنوات.
نحو شراكة أكثر مسؤولية
ويشكل هذا الاتفاق، بكل بنوده ورسائله، خطوة متقدمة نحو تنظيم العلاقة الفلسطينية – اللبنانية، والتخفيف من التوترات الأمنية والاجتماعية داخل المخيمات. وإذا ما كُتب له النجاح، فقد يمثل نموذجاً لتعاون عربي فعّال يعالج قضايا اللاجئين باحترام وتوازن، من دون المساس بحقوقهم التاريخية.