في إطار زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام إلى العاصمة اللبنانية بيروت، التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الجمعة، وفدًا من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية العاملة في لبنان، وذلك بمقر إقامته. اللقاء، الذي جاء في لحظة دقيقة إقليميًا وفلسطينيًا، حمل رسائل سياسية واضحة تتجاوز الإطار الداخلي إلى السياق الإقليمي والعلاقات الفلسطينية-اللبنانية.
إجماع فلسطيني على مرجعية المنظمة ووحدة القرار
الرئيس عباس شدد خلال الاجتماع على أن منظمة التحرير الفلسطينية تبقى الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، داعيًا إلى ضرورة ترسيخ الوحدة الوطنية على قاعدة البرنامج السياسي للمنظمة، والالتزام بتوجهاتها القانونية والدولية. هذه الرسالة تؤكد رفض أي مشاريع موازية أو محاولات لتفتيت القرار الوطني الفلسطيني، في وقت يشهد المشهد الداخلي تحديات كبرى سواء في الضفة أو الشتات.
تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان: احترام السيادة أولًا
وفيما يخص العلاقة مع الدولة اللبنانية، جدّد عباس التأكيد على دعم كامل لسيادة لبنان وضرورة الالتزام بالقوانين اللبنانية. وأشاد بدور اللجنة الفلسطينية-اللبنانية المشتركة التي تم تشكيلها لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، مؤكداً أن العمل يجب أن يتم ضمن إطار قانوني منضبط يحترم الدولة المضيفة.
كما أكد أن أي سلاح خارج إطار الدولة اللبنانية لا يخدم القضية الفلسطينية، بل يُسيء لها، داعيًا إلى احترام مبدأ “حصرية السلاح بيد الدولة”، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن هذا الإطار في المخيمات.
رؤية فلسطينية للمرحلة المقبلة: نحو مؤتمر سلام دولي
الرئيس عباس أعاد التأكيد على أهمية الاستمرار في الحراك السياسي والدبلوماسي، مشيرًا إلى المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده في نيويورك الشهر المقبل، كفرصة لإعادة وضع حل الدولتين على الطاولة استنادًا إلى قرارات الشرعية الدولية.
التحرك المرتقب يسعى إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إلى جانب حشد الجهود الدولية للاعتراف بدولة فلسطين كعضو كامل في الأمم المتحدة.
تحليل: موقف متوازن بين الداخل والخارج
اللقاء يعكس مقاربة متوازنة للقيادة الفلسطينية تجمع بين التمسك بالثوابت الوطنية، وحرص واضح على عدم إقحام الفلسطينيين في النزاعات الداخلية للدول المضيفة، خصوصًا في لبنان. كما أنه يعبّر عن إدراك القيادة لأهمية تحسين ظروف اللاجئين، دون المساس بأمن واستقرار المجتمعات الحاضنة.
كما أن تأكيد الرئيس على المنظمة كمرجعية وحيدة، يتجاوز الرد على محاولات التشكيك في شرعية القيادة الفلسطينية، ليشكل دعوة واضحة لإعادة بناء البيت الفلسطيني من الداخل، في ظل استمرار حالة الانقسام.
بيروت محطة لإعادة تصويب البوصلة
من بيروت، وجه عباس رسائل في كل الاتجاهات: تأكيد على وحدة التمثيل، التزام بالعلاقات مع الدولة اللبنانية، واستعداد للمضي نحو حل سياسي شامل عبر القنوات الدولية. في مرحلة يشتد فيها الحصار على غزة، وتتعمق المعاناة في الضفة والشتات، يصبح اللقاء ليس مجرد اجتماع عابر، بل محطة لإعادة تصويب البوصلة الوطنية والسياسية نحو الثوابت الفلسطينية والمصالح المشتركة.