أثار القصف الجوي الإسرائيلي الذي استهدف بلدة مزرعة بيت جن في ريف دمشق الغربي، يوم أمس، حالة من الجدل والتباين في الروايات حول هوية الشخص المستهدَف. ففي الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل أنها استهدفت “عنصراً في حركة حماس”، كشف مصدر محلي من وجهاء البلدة أن القتيل هو أنس عبود، أحد المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة السورية، ولا علاقة له بأي فصيل فلسطيني أو إيراني.
شهود من البلدة: لا وجود لـ«حماس» أو «حزب الله» في المنطقة
قال محمد أبو عساف، أحد وجهاء قرية مزرعة بيت جن: “الضربة استهدفت الشاب أنس عبود (28 سنة)، بينما كان يقود سيارته برفقة أحد أقاربه. الصاروخ أصاب السيارة بشكل مباشر على الطريق الرئيسي في البلدة، وأدى إلى تدميرها بالكامل.”
وأشار أبو عساف إلى أن المصاب نُقل إلى أحد المستشفيات في حالة حرجة، نافياً تماماً وجود أي نشاط لحركة “حماس” أو الميليشيات الإيرانية أو حزب الله في القرية، بل وأكّد أن سكانها رفضوا على الدوام السماح لأي من هذه القوى بدخول المنطقة.
ووصف الغارة الإسرائيلية بأنها “عمل إجرامي غير مبرر”، مطالباً بتحقيق دولي لكشف الحقيقة.
الجيش الإسرائيلي: “الهدف عنصر بارز في حماس”
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أن الغارة الجوية استهدفت “أحد النشطاء البارزين في الجناح العسكري لحركة حماس”، مشيراً إلى أن العملية جاءت “في سياق الرد على تهديدات أمنية مباشرة قادمة من الأراضي السورية”، إلا أن البيان لم يقدّم أي تفاصيل إضافية حول هوية المستهدَف أو ما يثبت صلته بحماس.
هل تعود إسرائيل لسياسة “الاغتيالات الانتقائية” في سوريا؟
تعيد هذه الغارة إلى الأذهان سياسة “الاغتيالات الانتقائية” التي تبنتها إسرائيل في السنوات الأخيرة ضد شخصيات تعتبرها “تهديداً مباشراً”، سواء من حزب الله، أو الحرس الثوري الإيراني، أو مؤخراً عناصر فلسطينية تنشط في الساحة السورية.
لكن حالة أنس عبود – إذا ثبتت صحة رواية أهالي قريته – تطرح تساؤلات جدية حول دقة معلومات الاستخبارات الإسرائيلية وحدود القانون الدولي في مثل هذه العمليات.
بيت جن.. بلدة مقاومة على الهام
تقع مزرعة بيت جن قرب الحدود مع الجولان المحتل، وتاريخها حافل بالمواجهات خلال سنوات الحرب السورية، حيث شكّلت إحدى الجيوب الأخيرة لفصائل “الجيش الحر” قبل أن تُوقِّع تسوية مع الجيش السوري عام 2018. ومنذ ذلك الحين، حافظت البلدة على قدر من الحياد، مع مقاومة محلية لأي وجود أجنبي مسلح، سواء تابع لإيران أو غيرها، ما يضيف طبقة من الغموض على أسباب استهدافها الآن.
الغارة على مزرعة بيت جن، سواء استهدفت عنصراً من حماس أم مقاتلاً سابقاً من المعارضة السورية، تفتح باباً واسعاً للأسئلة حول قواعد الاشتباك في سوريا، ومدى شفافية الروايات العسكرية في منطقة باتت ساحة لصراعات متداخلة. وبينما يتباين الموقف الإسرائيلي مع شهادات أهالي البلدة، تبقى الحقيقة رهينة لتقارير ميدانية وتحقيقات مستقلة قد لا تأتي في القريب العاجل.