في خضم التصعيد المتواصل بين إيران وإسرائيل، تحاول حركة «حماس» التموقع سياسياً على رقعة إقليمية ملتهبة، مستغلة اشتداد الصراع لتحقيق مكاسب سياسية تحت غطاء “محور المقاومة”. إلا أن هذا الرهان يبدو محفوفًا بالمخاطر، خصوصًا بعدما تكبدت الحركة ثمناً باهظاً عقب الهجمات التي شنتها في السابع من أكتوبر 2023، والتي أسفرت عن ردود فعل إسرائيلية مدمرة لقطاع غزة.
توظيف الحرب بين إسرائيل وإيران
تحاول «حماس» أن توظف الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران لفرض نفسها كفاعل إقليمي يدير معارك تتجاوز حدود الجغرافيا الفلسطينية. إلا أن هذا الطموح السياسي يصطدم بواقع ميداني صعب؛ فالحركة أصبحت مرتهنة لقرارات استراتيجية تصنع في طهران، وتُدفع أثمانها في غزة. الاعتماد على الدعم الإيراني – السياسي والمالي والعسكري – ربط مصير «حماس» مباشرة بمصير “فيلق القدس” وشبكته الإقليمية، ما يجعلها عرضة لتداعيات أي ضربة تطال هذه المنظومة.
اغتيال القيادي الإيراني رفيع المستوى في «فيلق القدس» رضا إيزادي مثّل ضربة مؤلمة لهذه المنظومة، وبشكل خاص لـ«حماس». فإيزادي لم يكن مجرد حلقة تمويل وتسليح، بل كان صلة الوصل العملياتية التي ضمنت تدفق الدعم الإيراني في لحظات حرجة. ومع اختفائه من المشهد، تواجه «حماس» تحديًا مزدوجًا: فقدان قناة دعم حيوية، وتضييق الخناق الدولي عليها مع تصاعد العقوبات الغربية على كل من يدعم أذرع إيران العسكرية في المنطقة.
تورّطت حماس
الخطاب المقاوم الذي تطرحه «حماس» بدأ يفقد زخمه أمام الواقع الإنساني الكارثي في غزة. الدمار الواسع، آلاف القتلى والمهجرين، والانهيار الكامل للبنية التحتية، كلها نتائج مباشرة لمحاولة الحركة توظيف الصراع الإقليمي في سبيل تعزيز نفوذها. وبدلًا من أن تُسهم في توحيد الصف الفلسطيني، تورّطت «حماس» في تحالفات عززت من عزلة الفلسطينيين، وقلّصت من فرصهم في نيل دعم دولي متوازن لقضيتهم.
عُزلة حماس
في المرحلة المقبلة، ومع تعمق الضربات الإسرائيلية على قيادات «محور المقاومة»، واستمرار الضغط الدولي على إيران وأذرعها، قد تجد «حماس» نفسها معزولة أكثر من أي وقت مضى، لا سيما إن استمر خطابها في استغلال الكفاح الفلسطيني كأداة تفاوض إقليمي.
المطلوب اليوم مراجعة استراتيجية عميقة، تعيد الاعتبار لأولويات الشعب الفلسطيني، بعيدًا عن أجندات المحاور، وقبل أن يتحول الحلم الوطني إلى ورقة على طاولة تفاوض الآخرين.