شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة صباح الخميس تطورًا جديدًا في وتيرة الهجمات الاستيطانية، حيث اقتحم مستوطنون إسرائيليون قرية عرب المليحات شمال غرب أريحا برفقة مواشيهم، وتحت حماية مباشرة من قوات الاحتلال الإسرائيلي. هذا الاقتحام يأتي في سياق تصعيد متواصل لهجمات المستوطنين، في ظل صمت رسمي إسرائيلي وتواطؤ عسكري واضح، ما دفع السلطات الفلسطينية إلى تجديد مطالبها بتوفير حماية دولية عاجلة للمدنيين الفلسطينيين.
اعتداءات ممنهجة في الأغوار وانتشار مسلح داخل التجمعات السكنية
بحسب إفادة حسن مليحات، المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، فإن المستوطنين توغلوا في التجمع البدوي وانتشروا بين مساكن المواطنين، مصطحبين مواشيهم، ما يعكس – وفق تعبيره – سياسة ممنهجة تهدف إلى تضييق الخناق على التجمعات البدوية الفلسطينية في منطقة الأغوار. هذا النمط من الاقتحامات لا يُعد جديدًا، بل يتسق مع سلسلة طويلة من الاعتداءات الهادفة إلى تهجير السكان الأصليين وتعزيز السيطرة الاستيطانية.
تصعيد ليلي في جنوب بيت لحم واستهداف مباشر للمركبات
وفي جنوب الضفة الغربية، تعرضت مركبات المواطنين قرب قرية المنيا جنوب شرق بيت لحم، لهجوم بالحجارة من قبل مستوطنين تجمعوا على الطريق الرئيس في وقت متأخر من ليل الأربعاء. ورغم عدم الإبلاغ عن إصابات أو أضرار جسيمة، إلا أن الحادث يعكس حالة الانفلات التي باتت تميز تحركات المستوطنين في الضفة، في ظل غياب أي رادع من السلطات الإسرائيلية.
كفر مالك: مذبحة دامية على يد المستوطنين
تواصلت موجة العنف صباح الأربعاء، حين شهدت قرية كفر مالك قرب رام الله اقتحامًا واسعًا نفذه نحو 30 مستوطنًا، أضرموا النار في منازل ومركبات، وهاجموا المواطنين بالسلاح الحي. وأسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد ثلاثة فلسطينيين داخل منازلهم، إضافة إلى إصابة عدد كبير من المدنيين، في واحدة من أكثر الهجمات دموية في الفترة الأخيرة.
الخارجية الفلسطينية تطالب بحماية دولية وتدين تواطؤ الاحتلال
في رد رسمي، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الهجمات المتصاعدة التي تنفذها ما وصفتها بـ”ميليشيات المستعمرين المسلحة”، محملة الحكومة الإسرائيلية – اليمينية المتطرفة – المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم. كما اتهمت قوات الاحتلال بالتواطؤ، مشيرة إلى أنها منعت طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين خلال مجزرة كفر مالك، في انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني.
وطالبت الوزارة كلًا من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولياتهم، والضغط من أجل توفير آلية حماية دولية عاجلة للفلسطينيين، في ظل غياب أي إرادة إسرائيلية لكبح جماح المستوطنين ووقف الاعتداءات المتكررة.
حماس تدعو للتصعيد الشعبي وتتهم السلطة بالتقاعس
من جهتها، أكدت حركة حماس أن ما جرى في كفر مالك يؤكد الحاجة الملحة إلى تشكيل لجان حماية رسمية وشعبية في مختلف مناطق الضفة الغربية. ودعت الحركة إلى “ضرب المحتل وقطعان مستوطنيه بكل قوة في نقاط التماس”، كما أشادت بما وصفته بـ”صمود الأهالي وتصديهم البطولي للاعتداءات”.
كما وجهت حماس انتقادات مباشرة للسلطة الفلسطينية، مطالبة أجهزتها الأمنية بأخذ دورها في حماية المواطنين، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين، لا سيما من نشطاء المقاومة في الضفة.