في ظل تطور أساليب تهريب الأموال وتعقيد شبكاتها العابرة للحدود، أعلن مكتب الصرف المغربي تبنّيه لتحول جذري في آليات الرقابة، بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات كوسيلة استباقية لاكتشاف المعاملات ذات المخاطر العالية، ومراقبة حركة رؤوس الأموال بين المغرب والخارج.
وقال إدريس بن شيخ، مدير مكتب الصرف، إن المكتب يسعى إلى بناء نظام استهداف ذكي يعتمد على خرائط المخاطر وتحليل المعطيات المالية في القطاعات الأكثر هشاشة، وهو ما يعزز قدرته على التصدي لمحاولات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
مساعدون افتراضيون.. ورقابة أكثر دقة
أحد الأهداف الملموسة من إدخال الذكاء الاصطناعي، بحسب بن شيخ، هو تحسين تجربة المستخدمين عبر نشر مساعدات افتراضية تتيح الرد الفوري وتوجيه الأفراد خلال الإجراءات المالية، بما يسهم في زيادة الشفافية وفهم القوانين المنظمة لعمليات الصرف والتحويلات المالية.
كما يتيح النظام الجديد لمكتب الصرف بناء قاعدة بيانات مركزية، وتعزيز الرقابة على سوق الأوراق النقدية من خلال حل موحد لإدارة النقد الأجنبي.
فجوة تجارية واسعة.. والذكاء الاصطناعي جزء من الحل
تُظهر الأرقام الرسمية وجود فجوة واضحة في الميزان التجاري المغربي، إذ بلغت قيمة الواردات أكثر من 761 مليار درهم خلال 2024، مقابل صادرات بقيمة 456 مليار درهم فقط.
وفي مقابل ذلك، استقطب المغرب 43.8 مليار درهم من الاستثمارات الخارجية، بينما ضُخ نحو 77 مليار درهم في استثمارات مغربية بالخارج. هذا التفاوت دفع السلطات إلى إطلاق حلول تقنية مبتكرة لسد العجز وتعزيز الرقابة على التدفقات.
ثلاث ركائز لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي
يعتمد المغرب على ثلاث ركائز أساسية لتقليص العجز وتغذية رصيده من العملة الصعبة:
الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يحقق فائضًا سنويًا بنحو 21 مليار درهم.
عائدات السياحة التي وصلت إلى 112 مليار درهم بنهاية 2024.
تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، والتي بلغت ذروتها عند 120 مليار درهم.
الرقمنة كدرع اقتصادي
في وقت تزداد فيه التحديات المرتبطة بتهريب الأموال وغسلها، يراهن المغرب على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لتعزيز الأمن الاقتصادي، وإغلاق الثغرات التي يستغلها المهربون.
ويرى خبراء أن هذه الاستراتيجية الجديدة قد تمثل نقطة تحول حاسمة في بنية الاقتصاد المغربي، وتضع البلاد في مصاف الدول التي تواكب العصر الرقمي في مكافحة الجريمة المالية.