في تطور لافت، طلبت «منظمة التحرير الفلسطينية» من السلطات اللبنانية تمديد المهلة الزمنية التي تم التفاهم عليها مسبقاً لجمع السلاح في المخيمات الفلسطينية، وذلك وسط تعثر داخلي في ترتيب الأوضاع التنظيمية لحركة «فتح»، وتعقيدات ناجمة عن تعدد المرجعيات في المخيمات.
التزامات لم تُنفَّذ.. و«عين الحلوة» في الواجهة
رغم تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته لبيروت في مايو الماضي بجمع السلاح في المخيمات الفلسطينية على مرحلتين، إلا أن تنفيذ الخطة لم يشهد أي تقدم يُذكر.
كان من المقرر أن تبدأ المرحلة الأولى بمخيمات صبرا، مار إلياس، وبرج البراجنة، ثم تنتقل إلى البداوي والجليل، مع تأجيل البت في الوضع المعقد لمخيم عين الحلوة.
لكن المهلة التي تم تحديدها انقضت دون نتائج ملموسة، وبدون أي تبرير رسمي من السلطة الفلسطينية، فيما تشير مصادر إلى أن السبب الرئيسي هو الفوضى داخل البيت الفتحاوي.
خلافات داخل «فتح» تشلّ الحركة وتُرجئ الخطط
تفاجأت قيادة «منظمة التحرير» بأن الوضع داخل حركة «فتح» في لبنان لا يسمح حالياً بتنفيذ خطة جمع السلاح، نظراً إلى غياب قيادة موحدة، وتعدد المراكز القيادية في غياب مرجعية قادرة على تنفيذ تعهدات الرئيس عباس.
المصادر أكدت أن الأزمة تنظيمية بامتياز، وليست فقط ناتجة عن اعتراضات من فصائل منافسة كـ«حماس» أو مجموعات متشددة في عين الحلوة، بل نابعة من تصدع داخلي داخل «فتح» نفسها، وهو ما يستدعي إعادة ترتيب التنظيم قبل أي تحرك ميداني.
وفد من رام الله لترتيب البيت الفتحاوي.. وإقالة دبور
كخطوة أولى نحو الإصلاح الداخلي، أوفد الرئيس عباس وفداً أمنياً وسياسياً موسعاً من رام الله إلى بيروت، بهدف إعادة هيكلة الحركة وتوحيد قيادتها، تمهيداً لاستعادة زمام المبادرة داخل المخيمات. بالتوازي، تم إعفاء السفير الفلسطيني لدى لبنان أشرف دبور من معظم مهامه التنظيمية، وقصر دوره على التمثيل الدبلوماسي.
القرار، الذي اعتُبر مؤشراً على تدخل مباشر من القيادة الفلسطينية، جاء في ظل توترات داخلية يُقال إن نجل الرئيس، ياسر عباس، لعب دوراً بارزاً فيها، لا سيما عبر التحضير لزيارة والده والتنسيق مع شخصيات أمنية لبنانية.
تمديد المهلة.. وسلاح المخيمات مؤجَّل
وفق المعلومات، فإن الوفد الفلسطيني الموجود حالياً في بيروت يتجنب أي حديث مباشر عن خطة جمع السلاح، ويُركز جهوده على ترتيب البيت الفتحاوي الداخلي، تمهيداً لإعادة إطلاق العملية من موقع أكثر صلابة.
وفيما تُرجّح المصادر عدم تحقق أي اختراق في المدى المنظور، بات واضحاً أن «منظمة التحرير» تسعى إلى تأجيل جمع السلاح إلى حين استكمال إعادة بناء القيادة داخل «فتح»، ومحاسبة المتورطين في سوء الإدارة والتفلت، وإخضاع الفصائل لقيادة مركزية موحدة.
«ثورة تنظيمية» بقيادة عباس.. و«حماس» في دائرة الضغط
تراهن قيادة «فتح» على أن ترتيب الصفوف داخلياً سيمكّنها لاحقاً من الضغط على الفصائل المناوئة في المخيمات، وعلى رأسها «حماس»، لحملها على الالتزام بجمع السلاح. كما تُعدّ هذه التحركات اختباراً لمدى جدية الفلسطينيين في وضع حد لحالة السلاح المنفلت، ووقف تأثيره السلبي على الاستقرار اللبناني.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحركات التنظيمية الجارية، يبقى جمع السلاح رهناً بمدى نجاح «الثورة التنظيمية» التي يحاول عباس إطلاقها من بيروت، وسط تشكيك من بعض القوى الفلسطينية واللبنانية بإمكانية تحقيق تقدم ملموس في هذا الملف المعقَّد.