أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه لا يرى إمكانية للتوصل إلى اتفاق شامل مع الفصائل الفلسطينية بشأن إطلاق سراح جميع الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، مفضلاً السعي نحو “صفقة جزئية”، في موقف يتناقض مع ما أعلنته حركة “حماس” مرارًا من استعدادها لإتمام صفقة تبادل كاملة تشمل الإفراج عن كافة الأسرى مقابل وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
جاءت هذه التصريحات خلال اجتماع عقده نتنياهو مساء الأربعاء في العاصمة الأميركية واشنطن، مع مجموعة من ممثلي عائلات الأسرى، وذلك في إطار زيارته الجارية للولايات المتحدة. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن نتنياهو قوله إن “التوصل إلى اتفاق شامل غير ممكن في الوقت الراهن”، مشيرًا إلى وجود “خطط مشتركة” مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لم يفصح عن تفاصيلها.
ورغم ضغوط العائلات ودعواتها المتكررة لإبرام صفقة شاملة، قال نتنياهو إن خيار الإفراج الجزئي عن الأسرى “أكثر واقعية”، داعيًا إلى التحلي بالصبر، وأضاف: “إطلاق سراح 10 رهائن خلال أول 60 يوماً من الاتفاق هو جزء من العملية، وبعد ذلك سنتحدث عن إنهاء الحرب”.
ورأى مراقبون أن تصريحات نتنياهو تعكس استمرار الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن إدارة ملف الأسرى، لا سيما مع تصاعد الضغوط السياسية والشعبية في الداخل الإسرائيلي، وسط اتهامات للقيادة بعدم إيلاء هذا الملف الأولوية الكافية، وتوظيفه سياسياً لإطالة أمد الحرب.
وتقود الدوحة حالياً جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة بين وفدين من حركة “حماس” وإسرائيل، بوساطة قطرية ومصرية، وبمشاركة أميركية، في محاولة للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. وتشير تسريبات إعلامية إلى أن المقترح المطروح في هذه الجولة يتضمن هدنة لمدة 60 يوماً، تشمل الإفراج المرحلي عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين، واستعادة جثامين 18 إسرائيليًا على ثلاث دفعات، إضافة إلى زيادة المساعدات الإنسانية لغزة.
وبحسب يديعوت أحرونوت، يتضمن المقترح بنداً يضع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كضامن لتنفيذ المراحل اللاحقة من الاتفاق، بما يشمل إنهاء الحرب بشكل تدريجي، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه “مكون سياسي غير تقليدي” في مفاوضات من هذا النوع.
وفي تصريحات منفصلة عقب لقائها مع مسؤولين في البيت الأبيض، قالت عائلات الأسرى إنهم تلقوا “تأكيدات من إدارة ترمب بشأن الالتزام بإعادة جميع المختطفين”، معتبرين أن “تفويت هذه الفرصة سيكون إخفاقاً سياسياً وأخلاقياً كبيراً”، على حد تعبير البيان الصادر عنهم.
وتقدر السلطات الإسرائيلية أن عدد الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة يبلغ نحو 50 شخصاً، بينهم 20 على قيد الحياة، في حين تحتجز إسرائيل أكثر من 10,800 فلسطيني في سجونها، بينهم مئات الأطفال والنساء، وسط تقارير حقوقية تتحدث عن انتهاكات جسيمة تشمل التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي.
يذكر أن المفاوضات السابقة بين الطرفين كانت قد أفضت إلى اتفاقين محدودين لوقف إطلاق النار، الأول في نوفمبر 2023، والثاني في يناير 2025، تضمنا عمليات تبادل جزئية للأسرى، قبل أن تنهار التهدئة مجددًا في مارس الماضي إثر استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة، والتي وصفتها جهات حقوقية دولية بأنها “حملات إبادة جماعية”.
ومن المتوقع أن يختتم نتنياهو زيارته إلى الولايات المتحدة غداً الجمعة، على أن يعود إلى إسرائيل السبت، وفق ما ذكرته صحيفة هآرتس.