أعلن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن عدد سكان قطاع غزة انخفض بنسبة 10% حتى منتصف عام 2025، محذّرًا من تشوّهات بنيوية عميقة في الهرم السكاني، بسبب ما وصفه بـ”الاستهداف الإسرائيلي الممنهج لفئة الشباب”، منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
التقرير، الذي صدر عشية اليوم العالمي للسكان، أشار إلى أن غزة تشهد “تراجعاً غير مسبوق” في عدد السكان، نتيجة ارتفاع عدد الشهداء والمفقودين، إضافة إلى موجات النزوح والهجرة، وتراجع معدلات الولادة، في ظل ظروف معيشية متدهورة بسبب الحرب التي توصف بالأكثر دموية ودماراً في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، انخفض عدد السكان من نحو مليونين و226 ألف نسمة في منتصف عام 2023 إلى قرابة مليونين و114 ألفاً في منتصف 2025، بانخفاض يقدّر بنسبة 10% مقارنة بالتقديرات السكانية المتوقعة. وبيّنت البيانات أن التراجع لا يرتبط فقط بضحايا الحرب المباشرين، بل يشمل أيضاً من غادروا القطاع إلى الخارج، إما بدافع البحث عن النجاة أو بسبب ظروف النزوح الدائم.
وأشار التقرير إلى أن الحرب أسفرت عن استشهاد أكثر من 57 ألف فلسطيني حتى لحظة إعداد التقرير، بينهم نحو 18 ألف طفل و12 ألف امرأة، إلى جانب تسجيل 66 حالة وفاة بسبب المجاعة، وما يقارب 11 ألف مفقود لم يتم التحقق من مصيرهم حتى الآن. كما أكّد الجهاز أن نحو 100 ألف فلسطيني غادروا قطاع غزة منذ بداية العدوان، في حين تقدّر منظمات حقوقية عدد الشهداء بأكثر من 100 ألف، في ظل ضعف إمكانيات التوثيق بفعل الدمار الهائل.
وأضاف التقرير أن عدد من اضطروا للنزوح داخل القطاع قد بلغ نحو مليونَي نسمة، من أصل 2.2 مليون كانوا يعيشون في غزة قبل بدء الهجوم، ما يعني أن غالبية السكان باتوا في عداد المهجّرين داخلياً، يعيشون في ظروف بالغة القسوة ضمن مراكز إيواء مؤقتة، أو في العراء، محرومين من مقومات الحياة الأساسية.
وحذّر الجهاز المركزي للإحصاء من تداعيات طويلة المدى على البنية الاجتماعية والديمغرافية للقطاع، لا سيما في ظل التراجع الحاد بعدد المواليد وغياب الشريحة الأكبر من الفئة الشابة التي شكّلت العمود الفقري للمجتمع الغزّي، سواء من حيث التركيبة السكانية أو سوق العمل المحلي.
وفي حين يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية على امتداد القطاع، تتصاعد التحذيرات من أن استمرار الحرب بهذا النمط قد يؤدي إلى تغيّرات جذرية في التركيبة السكانية الفلسطينية، ما يطرح أسئلة كبيرة حول مستقبل غزة ككيان ديمغرافي وسياسي واجتماعي.
ويأتي التقرير في وقت تتصاعد فيه المطالب الدولية لوقف الحرب وإنهاء المأساة الإنسانية، في ظل تصاعد عدد الضحايا وغياب أي أفق لحل سياسي ينهي الصراع المستمر منذ عقود.