قال مصدر دبلوماسي في دمشق، اليوم السبت، إن لقاءً مباشراً بين مسؤولين سوري وإسرائيلي سيُعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، على هامش الزيارة الرسمية التي يجريها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أذربيجان، في خطوة قد تشكل بداية لمسار تفاوضي جديد، ولو بملامح غير معلنة بالكامل.
الزيارة، التي التقى خلالها الشرع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف، أسفرت عن اتفاق لتصدير الغاز الأذري إلى سوريا عبر الأراضي التركية، وفق ما أعلنه بيان صادر عن الرئاسة الأذرية. لكن الحدث الأبرز لم يكن في التعاون الاقتصادي، بل في اللقاء المنتظر بين مسؤولين سوري وإسرائيلي، وفق ما أكده المصدر الذي تحدّث لوكالة الصحافة الفرنسية مشترطاً عدم كشف اسمه.
الرئيس السوري لن يشارك شخصياً في الاجتماع، بحسب المصدر، الذي أوضح أن المباحثات ستركز على الوجود الإسرائيلي في جنوب سوريا، حيث توغلت القوات الإسرائيلية في بعض المناطق عقب انهيار نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي. ورغم امتناع دمشق عن التعليق رسمياً على هذا اللقاء المرتقب، فإن مصادر حكومية كانت قد أقرت في وقت سابق بوجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، هدفها الأساسي تقليص التصعيد واستعادة الهدوء في المناطق الحدودية.
المرجعية التي تستند إليها دمشق في هذه المحادثات، وفق التصريحات الرسمية، هي “اتفاقية فض الاشتباك” الموقعة عام 1974، والتي أسست لمنطقة منزوعة السلاح تحت إشراف قوات الأمم المتحدة، وفُعلت جزئياً طوال عقود قبل أن تنهار فعليًا بفعل الحرب السورية والتدخلات العسكرية المتعددة.
دمشق سبق أن أبدت استعدادها، في وقت سابق من هذا الشهر، للعمل مع الولايات المتحدة من أجل إحياء الاتفاق الأمني القديم، كجزء من رؤية أوسع تشمل وقف الضربات الإسرائيلية المتكررة التي طالت مواقع عسكرية سورية، وتوغلات ميدانية تزايدت منذ انهيار النظام السابق.
من جانبها، أبدت إسرائيل اهتماماً متزايداً خلال الأشهر الأخيرة بإمكانية تطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان، في تصريحات أدلى بها وزير الخارجية جدعون ساعر. لكن الرد الرسمي السوري وصف تلك التصريحات بأنها “متسرعة” و”سابقة لأوانها”، ما يعكس تمسك دمشق بمقاربة تدريجية تقوم على التهدئة وتبادل الضمانات لا القفز مباشرة إلى اتفاقات سلام.
التأكيد الأبرز على بدء قنوات الاتصال جاء هذا الأسبوع من المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس براك، الذي قال خلال زيارة له إلى بيروت إن “الحوار بين سوريا وإسرائيل قد بدأ”، مشيراً إلى وجود مسارات متعددة، بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، تهدف إلى تجنب انزلاق الجبهة الجنوبية إلى صراع أوسع.
وكانت زيارة الشرع إلى الرياض في مايو/أيار قد شهدت أول لقاء معلن له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كشف أن نظيره السوري “أبدى تجاوبًا” حيال فكرة التطبيع، بل أعرب عن “انفتاح مبدئي للانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية، عندما تستقر الأوضاع في المنطقة”، على حد تعبيره.
منذ وصوله إلى الحكم، تبنى الرئيس الشرع لهجة أكثر براغماتية في الخطاب الإقليمي، داعياً إلى تجنّب التصعيد والدخول في صدام مع الجيران، مع تحميل إسرائيل مسؤولية ما وصفه بـ”الانتهاكات المتكررة للسيادة السورية”. وبينما لم تُلغَ بعد حالة الحرب الرسمية بين الطرفين المستمرة منذ 1948، فإن التحركات الأخيرة توحي بأن مرحلة جديدة من الاتصالات قد بدأت، حتى وإن كانت حذرة ومحدودة وغير معلنة.