اعتبر ليونيد سلوتسكي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما الروسي، أن أي محاولة لاستئناف تسليم الصواريخ إلى أوكرانيا ستشكل “خطوة إلى الوراء” في مسار البحث عن تسوية سياسية، لكنها، في الوقت ذاته، لن تُغير الواقع العسكري على الأرض، على حد تعبيره.
وفي تصريحات نقلتها وكالة “سبوتنيك” الروسية، شدد سلوتسكي على أن موسكو ماضية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، سواء عبر طاولة المفاوضات أو من خلال الحسم في ساحة المعركة، مستبعدًا أي إمكانية لتأثير الدعم الغربي بالسلاح على ميزان القوى الميداني بشكل جذري.
رسالة إلى ترامب: “أرِنا القبضة لا العقوبات”
في لفتة لافتة، وجّه سلوتسكي رسالة مبطّنة إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قال فيها إنه إذا كان ترامب جادًا في تحقيق تقدم فعلي في تسوية النزاع الأوكراني، فعليه أن “يُظهر قبضته لأوكرانيا”، بدل الاكتفاء بتهديد روسيا بعقوبات ثانوية. التصريح يعكس قناعة موسكو بأن واشنطن لا تمارس ضغطًا حقيقيًا على كييف للدخول في مفاوضات واقعية، بل تكتفي بـ”التلاعب بمفردات الردع”.
“الهجوم مستمر”: قراءة روسية في موقف ترامب
من جانبه، ذهب أبتي علاء الدينوف، قائد قوات “أحمد” الخاصة الروسية، إلى أبعد من ذلك، مؤكداً أن تصريحات ترامب الأخيرة تعكس إدراكًا أميركيًا ضمنيًا بعدم جدوى المساعدات الغربية في وقف تقدم القوات الروسية. وأوضح، في تصريح تلفزيوني، أن “محاولات الغرب لإرهاب موسكو وفرض اتفاقات مذلة لن تنجح”، وأن القوات الروسية مستمرة في تنفيذ مهامها بغض النظر عن إيقاع الدعم العسكري لكييف.
وفي معرض تعليقه على إمكانية نشر قوات غربية مباشرة في خطوط المواجهة، اعتبر علاء الدينوف أن “الولايات المتحدة وأوروبا لا تملكان الجرأة ولا الإرادة السياسية للذهاب إلى هذا الحد”، ما يُبقي أوكرانيا، من وجهة النظر الروسية، في مواجهة مصيرها بمفردها.
باتريوت مقابل المال: صفقة لا تُقنع الكرملين
وفي مشهد آخر من المشهد الأطلسي، أعلن ترامب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، عن اتفاق بين الولايات المتحدة ودول الحلف يقضي بتزويد أوكرانيا بصواريخ منظومة “باتريوت” المتوفرة لدى الحلفاء، على أن تتكفل واشنطن لاحقًا بتوفير دفعات جديدة لهم، شريطة أن يدفعوا كامل تكلفتها بنسبة 100%.
من وجهة النظر الروسية، لا تُغير هذه الخطوة من التقدير العسكري العام. بل تعتبرها موسكو، بحسب مصادرها، “إعادة تدوير للمواجهة بأسلوب اقتصادي بحت”، لا أكثر، كما أنها تُعبر عن محاولة أميركية لتحميل أوروبا كلفة حرب قد تطول أكثر مما كان متوقعًا.
رسائل روسية إلى الغرب… والميدان يرد
تحاول موسكو، عبر التصريحات المتكررة من قياداتها السياسية والعسكرية، أن تبعث برسائل مزدوجة إلى الغرب: أولها أن “التصعيد العسكري لن يغير المعادلة”، وثانيها أن “كل تأخير في التفاوض سيؤدي إلى خسارة كييف لمزيد من الأراضي والمكاسب”.
ورغم الإشارات المتقطعة من العواصم الغربية حول رغبة في التهدئة أو التسوية، فإن استمرار المراهنة على ضخّ السلاح في أوكرانيا دون وجود إرادة سياسية حقيقية لتسوية النزاع، يعني أن الطريق لا تزال طويلة وشائكة، وأن ما يُعرض الآن من صفقات صواريخ أو وعود بالتمويل، لن يُوقف زحف الدبابات الروسية كما تأمل العواصم الغربية.