أعلن البرلمان الإيراني، في بيان نُشر عبر وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا)، استبعاد استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة في الوقت الحالي، ما لم تُلبَّ شروط مسبقة لم يجرِ الكشف عن تفاصيلها.
هذا الموقف يأتي بعد ساعات من تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب، قال فيها إن إيران “تتطلع للحوار”، لكنه “ليس في عجلة من أمره” للجلوس على طاولة المفاوضات.
ويشير البيان إلى تصلّب في الموقف الإيراني الرسمي تجاه أي تقارب دبلوماسي مع واشنطن، في وقت تتسارع فيه الضغوط الغربية لوضع نهاية واضحة لمسار التفاوض النووي المتعثر.
ضغوط أوروبية متزايدة ومهلة تنتهي نهاية أغسطس
بالتوازي مع التوتر بين طهران وواشنطن، نقل موقع «أكسيوس» عن مصادر مطلعة أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، ونظراءه من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، اتفقوا خلال اتصال هاتفي، على إعطاء إيران مهلة تنتهي بنهاية أغسطس (آب) 2025، للتوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وبحسب التسريبات، فإن هذه المهلة تعتبر “الفرصة الأخيرة” قبل أن تُفعّل القوى الأوروبية الثلاث آلية “العودة السريعة”، التي تعني إعادة فرض كل العقوبات الأممية التي تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
غموض إيراني حول الشروط.. والتكهنات تتزايد
البيان الصادر عن البرلمان الإيراني لم يتضمن تفاصيل حول ما وصفه بـ”الشروط المسبقة”، ما أثار موجة من التحليلات حول ماهيتها.
ويرجّح مراقبون أن تشمل هذه الشروط كرفع جزئي أو كامل للعقوبات الاقتصادية، وضمانات بعدم انسحاب أميركي مفاجئ من الاتفاق الجديد، والاعتراف بحق إيران في بعض مستويات تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية
ويقول محللون إن القيادة الإيرانية تمارس سياسة “التريث والمناورة”، في انتظار تبلور موقف واضح من إدارة ترامب، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر المقبل.
معضلة الداخل الإيراني: الاقتصاد ينتظر، والسياسة تُراوح
في الداخل الإيراني، لا تزال تداعيات العقوبات تفرض نفسها بقوة على المشهد الاقتصادي.
ورغم التقدم في بعض القطاعات مثل النفط والبتروكيماويات، يعاني الاقتصاد من ضعف الاستثمار الأجنبي، وتراجع العملة المحلية، وارتفاع مستويات التضخم والبطالة.
ويرى خبراء أن أي تأخير إضافي في التوصل إلى اتفاق نووي جديد، سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الداخلية، وقد يُضعف من قدرة الحكومة على المناورة السياسية أمام البرلمان، الذي يتجه لمواقف أكثر تشدداً.
منشآت نووية تحت المراقبة… ومخاوف من العودة للتصعيد
في ظل هذا الجمود، تراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن كثب التطورات في منشآت إيران النووية، وعلى رأسها موقعي «نطنز» و«فوردو».
وتؤكد مصادر دبلوماسية أن طهران زادت مؤخراً من معدلات تخصيب اليورانيوم، في خطوات وُصفت بـ”الاستفزازية”، ما يهدد بتقويض فرص التهدئة.
وفي الوقت ذاته، تشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن إيران ما زالت بعيدة تقنياً عن الوصول إلى مستوى صنع قنبلة نووية، لكن استمرار التسريع في البرنامج النووي قد يدفع إسرائيل إلى خيارات “غير دبلوماسية”، وهو سيناريو بات الغرب يسعى بكل وسعه لتفاديه.
سيناريوهات ما بعد أغسطس: مفاوضات أو عقوبات شاملة؟
الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة. فإما تُستأنف المفاوضات ويتم التوصل إلى تسوية جديدة تحفظ ماء وجه الطرفين، أو تتجه الأمور إلى مزيد من التصعيد الدبلوماسي وربما العسكري، خاصة مع التهديد الأوروبي بتفعيل العقوبات الشاملة عبر مجلس الأمن.
في هذا السياق، يظل الموقف الإيراني مشروطاً، فيما تراهن واشنطن على الضغوط الاقتصادية المتزايدة لتليين موقف طهران، بينما تتأرجح أوروبا بين الحفاظ على الاتفاق النووي التاريخي، وحماية أمنها الإقليمي من طموحات إيران النووية.