في تصعيد خطير ضمن النزاع الدامي المستمر في السودان، لقي 8 مدنيين حتفهم إثر قصف نفذته «قوات الدعم السريع» بطائرة مسيّرة استهدفت ملجأً للنازحين في مدينة الفاشر، كبرى مدن شمال دارفور، بحسب ما أفادت مصادر طبية يوم الخميس.
وأكد مصدر في مستشفى الفاشر لوكالة الصحافة الفرنسية، عبر اتصال بالأقمار الاصطناعية بسبب انقطاع خدمات الاتصالات: «قُتل 8 مدنيين جراء قصف (الدعم السريع) لملجأ كان يحتمي به الأهالي ليلة الثلاثاء». وأضاف أن الغارات خلفت أيضاً عدداً من الجرحى بينهم أطفال ونساء.
الملجأ لم يسلم من القصف.. وتحذيرات من تفاقم الأزمة الإنسانية
الملجأ الذي تعرض للهجوم كان يؤوي عشرات العائلات الهاربة من الاشتباكات العنيفة في محيط المدينة، ويؤكد شهود عيان أن الهجوم وقع في ساعة متأخرة من الليل، ما تسبب في حالة من الذعر الشديد بين السكان المحليين الذين اعتادوا الاحتماء بهذه المنشآت في أوقات التصعيد.
منظمات إنسانية أعربت عن قلقها الشديد من استهداف أماكن الإيواء، معتبرة أن ذلك يمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، ودعت إلى فتح ممرات آمنة للمدنيين وإجلاء المصابين من المناطق المتضررة.
دارفور على شفا كارثة إنسانية.. والعنف يتوسع
الهجوم الأخير يأتي في سياق تصاعد المواجهات بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني في إقليم دارفور، والذي تحول إلى بؤرة صراع مفتوح منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. الفاشر، التي ظلت لفترة طويلة محايدة نسبياً، باتت الآن ميداناً لاشتباكات عنيفة تهدد بتشريد مئات الآلاف من السكان.
وتحذر منظمات حقوقية من أن المدينة تواجه مصيراً مشابهاً لما جرى في الجنينة ونيالا، حيث أدت الاشتباكات إلى انهيار شبه كامل للنظام الصحي والخدمات الأساسية.
اتهامات متبادلة وتصعيد بلا أفق للحل
من جانبه، لم يصدر عن «قوات الدعم السريع» أي تعليق رسمي بشأن الحادثة، في حين اتهم الجيش السوداني خصومه باستهداف المدنيين بشكل ممنهج لإجبار السكان على النزوح وخلق فراغ سكاني يُمكّنهم من السيطرة على المدينة.
في المقابل، تتهم «الدعم السريع» الجيش باستخدام المناطق السكنية كمواقع تمركز، ما يجعلها عرضة للنيران، وهو ما تنفيه قوات الجيش.
مجلس الأمن يُطالب بوقف التصعيد والتحقيق في الانتهاكات
ردود الفعل الدولية لم تتأخر، إذ أعربت الأمم المتحدة ومجلس الأمن عن «قلق بالغ» حيال تكرار الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية في دارفور. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف في الحادثة، ومحاسبة المسؤولين عنها.
في ظل استمرار المعارك وتزايد الانتهاكات بحق المدنيين، يبدو أن دارفور تعود تدريجياً إلى مشهد المأساة الذي عايشته مطلع الألفية، وسط تجاهل دولي وتباطؤ في جهود الوساطة السياسية.
ومع كل قذيفة تسقط على منازل المدنيين، يبتعد أفق الحل وتتعاظم معاناة سكان الإقليم الذين يواجهون الجوع والخوف والدمار بلا حماية.