في تصعيد جديد على الجبهة الجنوبية للبنان، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية صباح اليوم الثلاثاء مجموعة من الرعاة المدنيين في منطقة جنعم الواقعة ضمن بلدة شبعا الحدودية.
تلك الغارة، التي وقعت في وضح النهار، أسفرت عن مقتل راعٍ وابنه، ينتميان إلى عائلة كنعان، فيما أُصيب الابن الثاني بجروح، وفق ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية.
استهداف مدني مباشر… والضحايا من الأبرياء
تُعدّ هذه العملية واحدة من أبرز الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت مدنيين بشكل مباشر منذ بدء التوترات الأخيرة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، فالضحايا لم يكونوا مقاتلين، ولم يتواجدوا في منطقة اشتباك، بل كانوا يمارسون عملهم اليومي في الرعي، ما يفتح الباب مجددًا أمام التساؤلات حول مدى احترام إسرائيل للقوانين الدولية والإنسانية في نزاعها مع لبنان.
اعتداءات متواصلة رغم اتفاق وقف الأعمال العدائية
تأتي هذه الغارة بعد أقل من 24 ساعة على استهداف إسرائيلي آخر، حيث قصفت طائرة إسرائيلية أمس (الاثنين) سيارة مدنية على طريق وادي النميرية – زفتا في الجنوب اللبناني. سلسلة الهجمات هذه تمثل خرقًا صارخًا لاتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والذي كان من المفترض أن يضع حدًا للتصعيد على الجبهة الجنوبية.
الخرق المستمر للسيادة اللبنانية
لم تكتفِ إسرائيل بتنفيذ غارات جوية، بل لا تزال قواتها تتواجد في خمس نقاط داخل الأراضي اللبنانية في الجنوب، في تحدٍّ واضح للسيادة اللبنانية ولقرارات الأمم المتحدة، لا سيما القرار 1701 الصادر في عام 2006، والذي نصّ صراحة على انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية ووقف الأعمال العدائية.
تداعيات إنسانية وأمنية على الجنوب
تشهد القرى والبلدات الجنوبية، خصوصًا تلك الواقعة على خطوط التماس، حالة من التوتر والحذر الشديد في ظل استمرار الطلعات الجوية الإسرائيلية وقصف المناطق الحدودية. السكان المدنيون، من رعاة ومزارعين وطلبة، هم الأكثر تضررًا، وسط غياب الحماية الدولية الفعالة. وقد أعربت جهات إنسانية لبنانية عن خشيتها من تصعيد قد يؤدي إلى موجة نزوح جديدة، كما حدث في الأشهر السابقة.
دعوات لبنانية للتحرك الدولي
في أعقاب الحادثة، ارتفعت الأصوات اللبنانية الرسمية والشعبية المطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتدخل الجاد لوقف الخروقات الإسرائيلية ومحاسبة المسؤولين عنها. كما طالبت قوى سياسية بتفعيل دور قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، والتي تُعد طرفًا ضامنًا في تنفيذ اتفاقات وقف النار.
خلاصة المشهد: الجنوب في عين العاصفة
بين الغارات الجوية، والانتهاكات البرية، والتصريحات المتوترة، يبدو أن الجنوب اللبناني ما زال في عين العاصفة. فبينما يسعى اللبنانيون إلى استعادة بعض من الاستقرار المفقود، تأتي هذه الاعتداءات لتعيد فتح الجراح، وتذكّر بأن السلام الهشّ قابل للانهيار في أي لحظة ما لم يُفرض على إسرائيل احترام الاتفاقات الدولية، والامتناع عن استهداف المدنيين الأبرياء.