في إطار تصاعد الجهود السياسية لوقف إطلاق النار في غزة، أجرت مصر اتصالات هاتفية مكثفة مع وزراء خارجية 7 دول عربية، شملت قطر والأردن والبحرين والجزائر وسلطنة عُمان والكويت والمغرب.
المحادثات التي قادها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي جاءت ضمن تحرك دبلوماسي حيوي يهدف إلى كبح جماح الحرب المشتعلة منذ أكتوبر 2023، وتهيئة الأرضية لاتفاق دائم ينهي المعاناة الإنسانية.
القاهرة والدوحة تقودان الوساطة.. والحل لا يزال معقّداً
الاتصالات تناولت أيضاً الترتيبات الجارية لاستضافة مصر مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار في غزة، فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
هذه الخطوة تعكس إصراراً مصرياً على استثمار الثقل الإقليمي للدفع نحو حل سياسي، بالتوازي مع جهود قطرية وأميركية مستمرة للوساطة بين إسرائيل وحركة حماس.
بادرة من «حماس»: الإفراج عن 10 أسرى لإحياء المبادرة
وفي تطور لافت، أعلنت حركة «حماس» مساء الأربعاء موافقتها على إطلاق سراح 10 أسرى، في خطوة وُصفت بأنها «بادرة حسن نية» من أجل تعزيز جهود الوساطة الثلاثية التي تشمل مصر وقطر والولايات المتحدة. هذه البادرة ربما تفتح ثغرة في جدار الجمود الذي يعرقل مسار المفاوضات منذ أشهر.
منذ اندلاع الحرب، سقط أكثر من 60 ألف فلسطيني قتلى، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة، فيما لا تزال آلاف الجثث تحت أنقاض المباني المدمّرة. التقارير الحقوقية تشير إلى أن غالبية البنية التحتية في القطاع قد تلاشت بفعل القصف الإسرائيلي العنيف، مما جعل الحاجة إلى الإعمار أولوية إنسانية عاجلة.
جذور التصعيد: هجوم حماس ونار إسرائيل المستعرة
بدأت الحرب بهجوم مفاجئ شنّته «حماس» في 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر أكثر من 250، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية. الرد الإسرائيلي جاء على شكل قصف مكثف واجتياح بري خلّف دماراً واسعاً في كل من شمال وجنوب القطاع.
المراقبون يرون أن التحرك المصري – العربي المنسق قد يشكل أرضية صلبة لتفاهم شامل، خصوصاً في ظل تقاطع مصالح إقليمية ودولية بشأن إنهاء الصراع. ومع ذلك، يظل نجاح هذه المبادرات رهناً باستجابة إسرائيلية ملموسة، وبموافقة الفصائل الفلسطينية على ترتيبات ما بعد الهدنة، خصوصاً ملف إعادة الإعمار وضمان عدم تجدد العمليات العسكرية.
مؤتمر الإعمار.. مناورات سياسية أم بوابة للسلام؟
تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، لكن المراقبين يحذرون من أن أي مؤتمر دون وقف دائم للنار قد يتحوّل إلى منصة للخطابات فقط. النجاح يتطلب توافقاً على الأرض وضمانات أمنية وسياسية تضع نهاية حقيقية للدورات المتكررة من العنف.
تسعى مصر اليوم إلى تحويل الأزمة إلى فرصة دبلوماسية، حاملة على عاتقها مسؤولية قيادة جبهة عربية موحّدة نحو حل مستدام.
ومع استمرار نزيف الدم في غزة، تبقى الأنظار معلقة على نتائج هذه الجهود: هل تنجح القاهرة وشركاؤها العرب في إخماد النار، أم أن الحرب ستظل الكلمة الفصل؟