تقع قرية دوما جنوب شرق نابلس، وتُعرف بجمال أراضيها الزراعية، خصوصاً حقول الزيتون الممتدة حتى الأغوار. لكنها تحوّلت إلى رمز للمعاناة والصمود، بعد أن أصبحت هدفًا دائمًا للمستعمرين المدعومين من جيش الاحتلال.
مجزرة عائلة دوابشة
قبل 10 سنوات، استيقظت دوما على فاجعة هزّت العالم: إحراق منزل عائلة دوابشة على يد مستعمرين متطرفين، استُشهد فيها الأب سعد، والأم رهام، ورضيعهم علي، ونجا الطفل أحمد بحروق بليغة، ليبقى شاهداً على جريمة تعكس الوجه الحقيقي للاستعمار.
تُحيط القرية مستعمرات “شيلو”، “إيلي”، و”معاليه إفرايم”، التي لا تتوقف عن التمدد. يُمنع أهالي دوما من الوصول إلى أراضيهم المصنفة (ج)، وتُقتلع أشجار الزيتون، وتُحرق الحقول كما حدث مع المواطن نعيم سلاودة، الذي فقد محصوله لعامين قادمين.
مخططات التهجير والخنق الاقتصادي
المستعمرون لا يهاجمون فقط الأرض، بل يحاصرون الإنسان. تُمنع مشاريع المياه والكهرباء، وتُوزع إخطارات الهدم بالجملة، حتى وصل عددها لأكثر من 200 إخطار خلال عامين، بعضها لإزالة “السلاسل الحجرية”! البطالة ارتفعت، والزراعة تراجعت، والمستقبل في دوما بات معلقًا بقرارات الاحتلال.
وسط كل هذا الخراب، يطالب أهالي دوما العالم بالتحرك. يريدون فقط العيش بكرامة على أرضهم، أن يسقوا أشجارهم، أن ينام أطفالهم دون رعب، وأن يتوقف زحف الاستيطان الذي يسرق منهم حاضرهم ومستقبلهم.
وتشهد دوما هجمات متواصلة من المستعمرين على المواطنين وأراضيهم، فيقتحمون حينا المنازل، ويشعلون النيران في الممتلكات، ويخرّبون الأراضي الزراعية ويُحرقونها، ويقتلعون الأشجار المثمرة، خاصة أشجار الزيتون التي تمثل مصدر رزق أساسيا للأهالي.
هجمات المستعمرين
ويقول رئيس المجلس القروي سليمان دوابشة إن القرية شهدت هجوما واسعا خلال عام 2024 أدى إلى عمليات إحراق منازل ومنشآت ومركبات، بخسارة تقدر بـ5 ملايين شيقل. حسب وكالة وفا.
وتابع: تعاني القرية منذ عام 1973 من هجمات المستعمرين، عقب فتح طريق التفافي استعماري محيط بها، إضافة إلى إغلاق كل الطرق المؤدية إليها خاصة بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والإبقاء على المدخل الرئيسي الذي تفتحه وتغلقه قوات الاحتلال بين الفينة والأخرى.
ومعاناة أهالي دوما هي جزء من معاناة تتعرض لها القرى الفلسطينية من هجمات المستعمرين المتكررة، وسياسات الاحتلال التي تستهدف الأرض والإنسان.
وبين دوابشة، أن مساحة القرية حوالي 18500 دونم، 940 دونما منها فقط مصنفة (ب)، وباقي الأراضي مصنفة (ج) وتُعتبر محميات طبيعية أو عسكرية، يُمنع وصول المواطنين إلى معظمها، بغرض البناء أو حتى الحراثة.
هدم المنازل وتدمير المرافق الأساسية
وأضاف أنه بين عاميي 2023-2025، تم توزيع أكثر من 200 إخطار بالهدم ووقف البناء داخل حدود القرية، مشيرا إلى أن الأمر تغير في صيغة الإخطار مؤخرا إلى إعادة الأرض إلى ما كانت عليه، حتى أن السلاسل الحجرية بين الأراضي، تم توزيع إخطارات بإزالتها أيضا.
وشدد دوابشة على أن أهالي دوما يعانون نقصا في شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، بسبب إتلاف الاحتلال والمستعمرين لبعضها، ومنع الاحتلال تنفيذ مشاريع تطويرية، أو الاستيلاء على المعدات الخاصة.
ووفق رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان، فقد نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون ما مجموعه 1693 اعتداءً، خلال نيسان الماضي، في استمرار لمسلسل إرهاب دولة الاحتلال المتواصل ضد الشعب الفلسطيني وأراضيه وممتلكاته.