وسط تصاعد التوتر الإقليمي بين إيران وإسرائيل، يتحرك لبنان سريعاً لتحصين نفسه سياسياً وأمنياً، تحت قيادة ثلاثية متماسكة تضم رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، بهدف شكيل شبكة أمان تمنع تدحرج البلد إلى جبهة الحرب، وتحمي الداخل من ارتدادات الصراع المشتعل في المنطقة.
لا للعب بالنار: إنذار حازم للفصائل الفلسطينية
السلطات اللبنانية أرسلت رسائل واضحة إلى الفصائل الفلسطينية، تحذّر فيها من أي محاولات لاستغلال الحرب عبر إطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية.
وشملت الاتصالات كلّاً من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» والجناح العسكري لـ«الجماعة الإسلامية»، إضافة إلى مجموعات متشددة أخرى، وتفيد الرسالة بأن أي تحرك عشوائي سيُقابل بإجراءات رادعة وصارمة.
ووصل السفير الأميركي لدى تركيا، توماس برّاك، إلى بيروت في مهمة عاجلة، وكان برنامجه مزدحم بلقاءات مع القيادات الرسمية، لبحث سبل كبح التصعيد الإسرائيلي وتأكيد التزام لبنان بالحياد.
وباتت الوساطة الأميركية مفتاحاً أساسياً لمنع توسّع دائرة الحرب، والرهان اللبناني أن يتولى برّاك مهمة الضغط على تل أبيب لضمان عدم استهداف لبنان.
المخيمات تحت المجهر.. والتشديد الأمني يتصاعد
وبدأت أجهزة الأمن اللبنانية سلسلة إجراءات احترازية حول المخيمات، خصوصاً عين الحلوة، لمنع أي اختراق قد يعرّض البلد لخطر الاستدراج إلى الحرب، وتشمل الإجراءات مراقبة تحركات العناصر المسلحة، وضبط أي محاولات لإطلاق صواريخ أو تنفيذ أعمال عدائية من الأراضي اللبنانية.
حتى الآن، لم يُظهر «حزب الله» مؤشرات على الانخراط المباشر في الحرب، وتؤكد السلطات اللبنانية التزام الحزب بوقف النار، ووقوفه خلف الدولة.
رسالة لبنان للعالم واضحة، وهي لسنا طرفاً في الحرب، ونلتزم القرار 1701، مع السعي الحثيث لضبط كل الأراضي اللبنانية ميدانياً.
اختبار النيات الإسرائيلية.. واجتماع أممي حاسم في الناقورة
بالتزامن مع زيارة برّاك، يعقد اجتماع استثنائي للجنة الدولية المشرفة على وقف إطلاق النار في مقر «اليونيفيل» بالناقورة.
ويحمل الاجتماع دلالات مهمة، إذ ينتظر منه المجتمع الدولي تقييم التزام الأطراف، وتحذير إسرائيل من تجاوز الخطوط الحمراء، بعد أن استمر احتلالها لعدة مواقع حدودية وتهديدها بتوسيع رقعة المواجهة.
لبنان في قلب العاصفة.. لكنه يرفض أن يكون ساحة حرب
ويظل لبنان اليوم في مفترق حساس، بين استحقاق الحفاظ على الاستقرار الداخلي، وضغوط خارجية لجرّه إلى صراع المحاور. وبينما تسعى إسرائيل لاختلاق الذرائع، يتمسك لبنان بخيار الحياد الفعلي، ويعتمد على تحرك دبلوماسي مكثف، محوره برّاك، لحمايته من نار الحرب المقبلة.
وحاليا، يتحرك لبنان بحذر وسرعة على الحبال المشدودة للمنطقة، مستنداً إلى إرادة رسمية موحدة، وتواصل دبلوماسي مع الأميركيين والأوروبيين، لضمان بقائه خارج معادلة الحرب، لكن الخطر لا يزال قائماً، والكل بانتظار الخطوة التالية من تل أبيب.