في خطوة قد تُفاقم التوترات في مياه الخليج، أعلنت السلطات الإيرانية، صباح اليوم الأربعاء، عن احتجاز ناقلة نفط أجنبية في خليج عمان، بتهمة تهريب كميات كبيرة من الوقود.
وذكرت وكالة “مهر” الإيرانية الرسمية أن السفينة كانت تحمل ما يقرب من مليوني لتر من الوقود يُشتبه في تهريبه، دون الإفصاح عن اسم السفينة أو جنسيتها.
شبهات تهريب وغياب وثائق
مجتبى قهرماني، رئيس دائرة القضاء في محافظة هرمزكان جنوبي إيران، صرّح بأن السفينة خضعت للتفتيش الأمني، وأن الوثائق القانونية الخاصة بحمولتها لم تكن مكتملة.
وأضاف أن ذلك عزز الشكوك بوجود عملية تهريب منظمة، ما دفع السلطات إلى احتجاز الناقلة وفتح تحقيق موسّع بشأن حمولتها وهوية مشغّليها.
ضمن الإجراءات القانونية، قامت السلطات الإيرانية باعتقال 17 شخصاً كانوا على متن السفينة، بينهم القبطان وأفراد الطاقم. ولم توضح وكالة “مهر” جنسيات المعتقلين أو ما إذا كانت هناك جهات دولية على اتصال بهم حتى الآن.
رسائل سياسية خلف الستار؟
يأتي هذا الحادث في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متجددة بسبب الصراعات الإقليمية والعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.
ويطرح توقيت العملية تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تحاول استخدام ورقة “أمن الملاحة” كورقة ضغط سياسية أو لمواجهة نشاطات غير شرعية فعلياً في مياهها الإقليمية.
حتى اللحظة، لم تصدر أي جهة دولية أو بحرية بياناً رسمياً بشأن الحادث. لكن مراقبين يرون أن التحرك الإيراني قد يُثير ردود فعل من دول ذات مصالح بحرية وتجارية في الخليج، خاصة إذا ثبت أن الناقلة تتبع دولة أجنبية غربية أو آسيوية مؤثرة.
سوابق بحرية مشابهة
ليست هذه المرة الأولى التي تحتجز فيها إيران ناقلات نفط أجنبية؛ فقد وقعت حوادث مشابهة خلال الأعوام الماضية، كان أبرزها احتجاز ناقلات بريطانية وكورية جنوبية، ما أدّى إلى توتر دبلوماسي وإرسال قوات بحرية غربية إلى المنطقة.
فيما تؤكد طهران أن هدفها هو منع التهريب وضبط الأمن البحري، يرى خبراء أن بعض هذه العمليات تحمل أيضاً أبعاداً استعراضية تهدف إلى إظهار القبضة الأمنية الإيرانية في المنطقة، وفرض واقع جديد على حركة الملاحة في مضيق هرمز وخليج عمان.
تهديدات محتملة لحركة التجارة
يمر عبر مضيق هرمز نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، ما يجعل أي اضطراب فيه بمثابة تهديد للأسواق العالمية. وقد تؤثر مثل هذه الحوادث على أسعار النفط وثقة شركات الشحن والتأمين في سلامة الملاحة بالمنطقة.
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لا تزال هوية الناقلة مجهولة، ولم تُعلن إيران عن اسمها أو علم الدولة التي ترفع رايتها. هذا الغموض يفتح الباب أمام الكثير من السيناريوهات، بعضها قد يُفضي إلى أزمة دبلوماسية جديدة بين إيران ودول أخرى.
تحركات مرتقبة وتحقيقات موسعة
يتوقّع أن تُجري السلطات الإيرانية تحقيقات موسعة مع أفراد الطاقم، فيما قد تبدأ دول أجنبية محاولات تواصل أو تدخل دبلوماسي في حال تبيّن وجود رعاياها بين المعتقلين.
يرى مراقبون أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان احتجاز هذه الناقلة مجرّد حادث أمني عابر، أم بداية لموجة جديدة من التصعيد الإيراني في المضائق البحرية، خصوصاً إذا تكررت حالات الاحتجاز أو ظهرت مؤشرات على صراع قانوني دولي حول الحادث.
وبين الشكوك الأمنية والإشارات الجيوسياسية، يبقى السؤال: هل ما حدث مجرد محاولة لمنع التهريب، أم رسالة مفتوحة إلى من يهمه الأمر في الإقليم والعالم؟